أمّا
العقول الشريفة فهي عليها مُشرفة، ولها بتلك الجهات تمام العلم وكمال المعرفة.
نعم،
سائر العقول المتعارفة تشترك في معرفتها على الجملة لا التفصيل مذعنة بأنّ جميع ما
أحكم ذلك المدبّر الحكيم في الأكوان وما حكم به في نواميس الشرائع والأديان كلّه
لا يخلو من حكمة ولم يقع حيف في القسمة؛ لتنزّهه عن الجهل والجزاف والتهمة:
«التوحيد: أن لا تتوهّمه، والعدل: أن لا تتّهمه»[1].
ومن
هنا صارت المدركات العقلية- بحسب القسمة الحاصرة- رباعية؛ إذ مطلق العقل بالنسبة
إلى مطلق الأفعال إمّا أن يدرك على التفصيل حسنها، أو قبحها، أو خلوّها من
الجهتين، أو لا يدرك شيئاً من ذلك.
والمدّعى
هو الإيجاب الجزئي دفعاً لدعوى السلب الكلّي، لا الإيجاب كلّياً.
وعلى
هذا الأصل الأصيل والمبحث الجليل- أعني: مبحث الحسن والقبح العقليّين- قد بنت
الإماميةُ جملةً من قواعدها في الأُصولين، كقاعدة:
(اللطف)
التي هي من أُمّهات المسائل العقلية[2] المتفرّع
عليها جملة من الأُصول