ولمّا
قال (صلوات اللَّه عليه): «جفّ القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة»، قيل: ففيم
العمل؟ قال: «اعملوا، فكلٌّ ميسّر لما خُلق له»[2].
ولمّا
سُئل: أنحن في أمرٍ فُرغٍ منه، أو أمر مستأنف؟ قال: «في أمر فُرغ منه، وأمر
مستأنف[3]»[4].
وبهذا
يُعلم أنّ كلّ ما يصدر منّا من الحركات والسكنات والسيّئات والحسنات مقدّرة لنا
واجبة علينا. لكن لا كما يظنّه القاصرون ويزعمه الزاعمون من: أنّه لو أراد أن يفعل
غير ما صدر منه لم يكن له ذلك ولا كان قادراً عليه[5]،
بل بمعنى: أنّ وجوبها يكون باختيارنا وإرادتنا، ولو أردنا خلافها كان لنا ذلك، كما
هو المحسوس. وصدور هذا الفعل- مثلًا- على هذه الكيفية هو المقدّر المعلوم المكتوب،
كما قال (جلّ شأنه): «وَ كُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ*
وَ كُلُّ صَغِيرٍ وَ كَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ»[6].
وهذا
النسخ والسطر الواقع في الذكر الأوّل قبل العمل موافقٌ ومطابقٌ
[1] لاحظ: قرب الإسناد 95، التوحيد للصدوق 382، وسائل
الشيعة 2: 425، بحار الأنوار 5: 87، مع اختلاف.
وقارن: سنن ابن ماجة 2: 1137،
القضاء والقدر للبيهقي 205.
[2] تقدّمت مصادر صدر الحديث سابقاً، فراجع. ولاحظ
كذلك القضاء والقدر للبيهقي 122 و 124.
[3] انظر: التاريخ الكبير 3: 266، القضاء والقدر
للبيهقي 121 و 123 و 124، جامع الأُصول 10: 109.
[4] لعلّ المراد بالأمر الذي فُرغ منه: ما أُحكم
وأُبرم في القضاء ممّا لا يُغيّر ولا يُبدّل، كالأجل المحتوم ونظائره.
والمراد بالمستأنف: ما عدا ذلك
ممّا فيه البداء.
وعليه، فلا شاهد لنا فيه بهذا
المقام، فتدبّر.( منه رحمه الله).
[5] حُكي ذلك في: الفَرق بين الفِرق 297، الفصل لابن
حزم 2: 375، كشف المراد 283.