وجعل
لكلّ ذلك أسباباً ومسبّبات وعللًا وغايات، يوجب بعضها بعضاً وينجر بعضها إلى بعض
على نواميس معيّنة وحدود مبيّنة.
سبقت
كلمته وقضت حكمته أن تسير على ذلك ولا تقف، ولا تنخرم ولا تختلف.
ثمّ
أمر بعض مهرة كتّابه أن يسجّل تلك القضايا الكلّية والنواميس العامّة بأسبابها
ومسبّباتها وعللها ومعلولاتها ومباديها وغاياتها وأُصولها وثمراتها، أمره بعناية
منه ملحوظة أن يسجّلها في ألواح محفوظة، لا حذراً من أن ينسى الملك شيئاً منها، أو
مخافة أن تغيب عنه أو يغيب عنها، كلّا، فإنّه الحفيظ الذي لا ينسى، والحكيم الذي
لا يغفل، والعليم الذي لا يجهل، ولكن إظهاراً لسعة علمه وتعاظم قدرته ونفوذ مشيّته
وسعة سلطانه وملكه، ولكي يُوقف عليها الخاصّة من حاشيته وملازمي حضرته والمهيمنين
على أسراره، فيتكاملون معرفةً ويقيناً وتعبّداً وخضوعاً.
ثمّ
بعد أن أبرم أحكامه وأحكم إبرامه وأجرى في اللوح بما شاء أقلامه ذرأ[1]
بريته، واستبرأ فيهم مشيّته، ومنحهم فأفضل، وأعطاهم فأجزل.
فكان
أشرف ما منحهم به ووهبهم إيّاه جوهرين شريفين انتزعهما من