«كان
رجل في الزمن الأول طلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها، وطلبها من حرام فلم يقدر
عليها، فأتاه الشيطان فقال له: يا هذا إنكَ قد طلبتَ الدنيا من حلال فلم تقدر
عليها، وطلبتها من حرام فلم تقدر عليها، أفلا أدّلكَ على شيءٍ تكثر به دنياك،
ويكثر به تبعك؟ قال: بلى، قال: تبتدع دنياً وتدعو إليه الناس.
ففعل،
فاستجاب له الناس وأطاعوه، وأصاب من الدنيا، ثمَّ أنَّه فكّر فقال: ما صنعت؟
ابتدعت ديناً ودعوت الناس، وما أرى لي توبة، إلّاأن آتي مَن دعوته إليه فأردّه
عنه، فجعل يأتي أصحابه الذين أجابوه، فيقول لهم: انَّ الذي دعوتكم إليه باطل وانما
ابتدعته، فجعلوا يقولون: كذبت وهو الحق، ولكنَّك شككت في دينك فرجعتَ عنه، فلما
رأى ذلكَ عمد إلى سلسلة فوتد لها وتداً ثم جعلها في عنقه، وقال: لا أحلّها حتى
يتوب اللَّه عزَّوجلَّ عليَّ، فأوحى اللَّه عزَّوجلَّ إلى نبي من الأنبياء: قل
لفلان: وعزتي، لو دعوتني حتى تنقطع أوصالك، ما استجبت لك، حتى تردَّ مَن مات إلى
ما دعوته إليه، فيرجع عنه»[3].