فخرج
رجل من أهل نجران حتى قَدِم على ملك الحبشة، فأعلمه ماركبوا منهم. فكتب ملك الحبشة
بذلك الى قيصر، فبعث قيصر إليه بسفن كثيرة يحمل فيها رجاله الى اليمن. فلمّا قدمت
السفن على النجاشي حمل جيشه فيها من بلاد ناصع والزيلع وهو ساحل الحبشة[2]
عن طريق باب المندب[3] الى بلاد
غلافقة من ساحل زبيد من أرض اليمن[4].
فتظاهر
ذونواس بالإستسلام فقبلوا منه وأبقوا عليه وتفرّقوا في اليمن.
فكتب
ذونواس الى كلّ ناحية بقتل الأحباش فقتلوهم إلّا الشريد.
فلمّا
بلغ النجاشي ذلك جهّز إليه أربعة آلاف[5] عليهم
قائدان أرياط وأبرهة فملك أرياط عدّة سنين ثم قتله أبرهة فتملّك الحكم ثم تملّك
بعده ابنه يكسوم، ولما هلك يكسوم ملك اليمن أخوه مسروق بن أبرهة.
فلمّا
طال البلاء على أهل اليمن، خرج سيف بن ذي يزن واسمه: معدي كرب بن الفيّاض أبي
مرّة- من اليمن- يستنجد الملوك. وكان أبوه أبا مرّة من أشراف اليمن، وكانت أُمه
ريحانة ذات جمال، فانتزعها من أبيه الملك أبرهة الأشرم واستنكحها، فولدت له
مسروقاً ابنه، ونشأ معدي كرب بن ذي يزن مع أُمه ريحانة في حجر أبرهة، وأعلمته
أُمه: أنّ أباه أبو مرّة الفياض، وأنّه خرج من اليمن فلحق ببعض ملوك بني المنذر
يستشفع به الى الأكاسرة يستنصرهم، فمات على باب كسرى.