نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 4 صفحه : 71
طول إقامتهم فيه
فكشفوا غطاء تلك الأحوال لأهل الدنيا بالعبادات الواضحة و البيانات اللايحة حتّى
كأنّهم في وصفهم لها عن صفاء سرائرهم و صقال جواهر نفوسهم بالرياضة التامّة يرون
بأبصارهم ما لا يرى الناس،و يسمعون بآذانهم ما لا يسمعون الناس.إذ يخبرون عن
مشاهدات و مسموعات لا يدركها الناس،و لمّا كان السبب في قصور النفوس عن إدراك
أحوال الآخرة هو تعلّقها بهذه الأبدان و اشتغالها بتدبيرها و الانغماس في الهيئات
الدنيويّة المكتسبة عنها،و كان هؤلاء الموصوفون قد غسلوا درن تلك الهيئات عن ألواح
نفوسهم بمداومة ذكر اللّه و ملازمة الرياضة التامّة حتّى صارت نفوسهم كمرأى مجلوّة
حوذى بها شطر الحقائق الإلهيّة فتجلّت و انتقشت بها لا جرم شاهدوا بعين اليقين
سبيل النجاة و سبيل الهلاك و ما بينهما فسلكوا على بصيرة و هدوا الناس على يقين و
أخبروا عن امور شاهدوها بأعين بصائرهم و سمعوا بآذان عقولهم فكأنّهم في وضوح ذلك
لهم و ظهوره و إخبارهم عنه قد شاهدوا ما شاهده الناس بحواسّهم فشاهدوا ما لم
يشاهده الناس و سمعوا ما لم يسمعوه.
و قوله :فلو مثّلتهم
بعقلك.
أى استحضرت صورهم
و أعمالهم في مقاومهم المحمودة و مجالسهم المشهودة و هى مقامات العبادة و
مجالسها.و دواوين أعمالهم:أذهانهم و ما ثبت فيها من أفعالهم.و نشرها:تتّبع نفوسهم
بأفكارها و تخيّلاتها لصور تلك الأعمال و تصفّحها لها المشبّهة لتصفّح الأوراق.و
الواو في قوله:و فرغوا لمحاسبة أنفسهم على كلّ صغيرة و كبيرة للبيان.ليستدعى بيان
معنى المحاسبة،و لمّا كان معناها ليستدعى محاسبا حتّى يكون النظر معه في رأس المال
في الربح و الخسران ليبيّن له الزيادة و النقصان، و إن كان من فضل حاصل استوفاه و
إن كان من خسران طالبه بضمانه و كلّفه تداركه في المستقبل فكذلك العبد معامله نفسه
الأمّارة بالسوء،و رأس ماله الفرائض و ربحه النوافل و الفضائل،و الخسران المعاصى،و
موسم هذه التجارة جملة النهار فينبغى أن يكون للعبد في آخره ساعة يطالب بها نفسه و
يحاسبها على جميع حركاتها و سكاناتها
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 4 صفحه : 71