نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 2 صفحه : 37
و حال اجتماعهم على باطلهم مع اشتراكهم
في الشجاعة و كون قومه واثقين برضاء اللّه لو امتثلوا أمره من العجب المميت للقلب
الّذي لا يهتدى بسببه.
و أمّا أنّه يجلب الهمّ فظاهر إذ كان
حاله عليه السّلام معهم كحال طبيب لمرضى الزم بعلاجهم مع خطر أمراضهم و عدم لزومهم
لما يأمر به من حمية أو شرب دواء.و ظاهر أنّ تلك الحال ممّا يجلب همّ الطبيب.ثمّ
لمّا أظهر لهم التعجّب و وصفه بالشدّة أعقبه بذكر الأمر المتعجّب منه ليكون في
نفوسهم أوقع.ثمّ أردف ذلك المتعجّب بالدعاء عليهم بالبعد عن الخير و بالحزن بسبب
تفريطهم ،و أعقبه بالتوبيخ لهم و التبكيت بما يأنف منه أهل المروّة و الحميّة و
يوجب لهم الخجل و الاستحياء من صيرورتهم بسبب تقصيرهم غرضا للرماة يغار عليهم و قد
كان الأولى بهم أن يغزوا،و يغزون و قد كانوا هم أولى بأن يغزوا،و يعصى اللّه مع
رضاهم بذلك .ثمّ حكى صور أعذارهم في التخلّف عن أمره و هى تارة شدّة الحرّ و تاره
شدّة القرّ و نحوها من الأعذار الّتي يذوق العاقل منها طعم الكسل و الفتور،و أنّه
لم يكن لهم بها مقصود الاّ المدافعة.ثمّ تسلّم تلك الأعذار منهم و استثبتها و
جعلها مهادا للاحتجاج عليهم بقوله : فأنتم و اللّه من السيف أفرّ .و ذلك أنّ
الفارّ من الأهون فارّ من الأشدّ بطريق الأولى إذ لا مناسبة لشدّة الحرّ و البرد
مع القتل و المجالدة بالسيف.ثمّ أردف ذلك التبكيت بالذمّ لهم بثلاثة أوصاف:
أحدها:أنّه نفى عنهم صفة
الرجوليّة.لاستجماعها ما ينبغي من صفات الكمال الأنساىّ كالشجاعة و الأنفة و
الحميّة و الغيرة.و عدم هذه الكمالات فيهم و إن كانوا بالصورة المحسوسة للرجال
الموجبة لشبههم بهم.و ذلك قوله : يا أشباه الرجال و لا رجال.
تشبيه و ثانيها:أنّه وصفهم بحلوم
الأطفال .و ذلك أنّ ملكة الحلم ليس بحاصل للطفل و إن كانت قوّة الحلم حاصلة له لكن
قد يحصل لهم ما يتصوّر بصورة الحلم كعدم التسرّع إلى الغضب عن خيال يرضيه و أغلب
أحواله أن يكون ذلك في غير موضعه، و ليس تحصل له ملكة تكسب نفسه طمأنينة كما في
حقّ الكاملين.فهو إذن نقصان.
و لمّا كان تاركوا أمره عليه السّلام
بالجهاد قد تركو المقاومة حلما عن أدنى خيال
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 2 صفحه : 37