نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 2 صفحه : 33
وسيلة إلى الجنّة الّتي وعد
المتّقون.فيعلم من هذه المقدّمات أنّ الجهاد الشرعىّ باب من أبواب الجنّة إذ منه
يعبر المجاهد السالك إلى اللّه إلى الباب الأعظم للجنّة و هو الرياضة و قهر
الشيطان.و من وقوفك على هذا السرّ تعلم أنّ الصلاة و الصوم و سائر العبادات كلّها
أبواب للجنّة إذ كان امتثالها على الوجه المأمور بها مستلزما للوصول إلى
الجنّة.فإنّ باب كلّ شيء هو ما يدخل إليه منه و يتوصّل به إليه.و نحوه قول الرسول
صلى اللّه عليه و آله و سلّم في الصلاة:إنّها مفتاح الجنّة،و في الصوم إنّ للجنّة
بابا يقال له الريّان لا يدخله إلاّ الصائمون .
الثاني من أوصاف الجهاد
:أنّه باب فتحه اللّه لخاصّة أوليائه.و
المراد بخواصّ الأولياء المخلصون له في المحبّة و العبادة.و ظاهر أنّ المجاهدة
للّه لا لغرض آخر من خواصّ الأولياء، و ذلك أنّ المرء المسلم إذا فارق أهله و ولده
و ماله و أقدم على من يغلب على ظنّه أنّه أقوى منه كما امر المسلمون بأن يثبت
أحدهم لعشرة من الكفّار،ثمّ يعلم أنّه لو قهره لقتله و استباح ذرّيته و هو في كلّ
تلك الأحوال صابر شاكر و معترف بالعبوديّة للّه مسلّم أمره إلى اللّه فذلك هو
الولىّ الحقّ الّذي قد أعرض عن غير اللّه رأسا،و قهر شيطانه قهرا،و آيسه أن يطيع
له أمرا.
فإن قلت:إذا كان الغرض من العبادات هو
جهاد الشيطان و الإخلاص للّه و كان التخصيص بالوصفين المذكورين لاستلزامه ذلك
المعنى لم يبق حينئذ لسائر العبادات مزيّة عليه فما معنى قول الصحابة و قد رجعوا
من جهاد المشركين:رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر؟.
قلت:يحتمل معنيين:
أحدهما:أنّ الجهاد الظاهر ليس كلّ غرضه
الذاتىّ هو جهاد النفس،بل ربّما كان من أعظم أغراضه الذاتيّة هو قهر العدوّ الظاهر
ليستقيم الناس على الدين الحقّ، و ينتظم أمرهم في سلوكه.و لذلك دخل فيه من أراد
منه إلاّ ذلك كالمؤلّفة قلوبهم و إن كانوا كفّارا.و ذلك بخلاف سائر العبادات إذ
غرضها ليس إلاّ جهاد النفس و لا شكّ أنّه هو الجهاد الأكبر:أمّا أوّلا فباعتبار
مضرّة العدّوين فإنّ مضرّة العدّو الظاهر مضرّة دنياويّة فانية،و مضرّة الشيطان
مضرّة اخرويّة باقية.و من كانت مضرّته أعظم كان جهاده
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 2 صفحه : 33