responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 15

«عَنّٰا وَ اغْفِرْ لَنٰا وَ ارْحَمْنٰا» 1 فكأنّهم لم يروا إلاّ اللّه و أفعاله ففرُّوا إلى اللّه من بعضها إلى بعض.

الثانية:أن يفنى العبد عن مشاهدة الأفعال و يترقّى في درجات القرب و المعرفة إلى مصادر الأفعال،و هي الصفات فيفرّ من بعضها إلى بعض كما ورد عن زين العابدين عليه السّلام،اللّهم اجعلني اسوة من قد أنهضته بتجاوزك من مصارع المجرمين فأصبح طليق عفوك من اسر سخطك،و العفو و السخط صفتان فاستعاذ بإحديهما من الاخرى.

الثالثة:أن يترقّى عن مقام الصفات إلى ملاحظة الذات فيفرّ منها إليها كقوله تعالى «لاٰ مَلْجَأَ مِنَ اللّٰهِ إِلاّٰ إِلَيْهِ» 2و كالوارد في الدعاء في القيام إلى الصلاة:منك و بك و لك و إليك.أى منك بدء الوجود،و بك قيامه،و لك ملكه،و إليك رجوعه.ثمّ أكّد ذلك بقوله لا ملجأ و لا منجأ و لا مفرّ منك إلاّ إليك.و قد جمع الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم هذه المراتب حين امر بالقرب في قوله تعالى «وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ» 3و قال في سجوده:أعوذ بعفوك من عقابك.و هو كلام من شاهد فعل اللّه فاستعاذ ببعض أفعاله من بعض،و العفو كما يراد به صفة العافي كذلك قد يراد به الأثر الحاصل عن صفة العفو في المعفوّ عنه كالخلق و الصنع،ثمّ لمّا قرب فغنى عن مشاهدة الأفعال و تترقّى إلى مصادرها و هى الصفات قال:و أعوذ برضاك من سخطك و هما صفتان،ثمّ لمّا رأى ذلك نقصانا في التوحيد اقترب و ترقّى عن مقام مشاهدة الصفات إلى ملاحظة الذات فقال:و أعوذ بك منك،و هذا فرار إليه منه مع قطع النظر عن الأفعال و الصفات،و هو أوّل مقام الوصول إلى ساحل العزّة.ثمّ للسباحة في لجّة الوصول درجات اخر لا تتناهى.و لذلك لمّا ازداد صلى اللّه عليه و آله و سلّم قربا قال:لا احصى ثناء عليك.فكان ذلك حذفا لنفسه عن درجة الاعتبار في ذلك المقام و اعترافا منه بالعجز عن الإحاطة بما له من صفات الجلال و نعوت الكمال،و كان قوله بعد ذلك:أنت كما أثنيت على نفسك.كمالا للإخلاص و تجريدا للكمال المطلق الّذي به هو هو أجلّ من أن يلحقه لغيره حكم و هميّ أو عقليّ.إذا عرفت ذلك ظهر أنّ مقصوده عليه السّلام بقوله: و فرّو إلى اللّه من اللّه .أمر بالترقّي إلى المرتبة الثالثة من المراتب المذكورة .

1) 2-286

2) 9-119

3) 96-19

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 15
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست