نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 271
[المعنى]
و اعلم أنّ هذه
الخطبة من أفصح كلامه عليه السّلام و هي مع اشتمالها على كثرة المقاصد الواعظة
المحرّكة للنفس في غاية و جازة اللفظ،ثمّ من عجيب فصاحتها و بلاغتها أنّ كلّ كلمة
منها تصلح لأن تفيد على سبيل الاستقلال و هي على ما نذكره من حسن النظم و تركيب
بعضها مع بعض.قوله بنا اهتديتم في الظلماء الضمير المجرور راجع إلى آل الرسول صلى
اللّه عليه و آله و الخطاب لحاضري الوقت من قريش المخالفين له مع طلحة و الزبير و
إن صدق في حقّ غيرهم،و المراد أنّا سبب هدايتكم بأنوار الدين و ما أنزل اللّه من
الكتاب و الحكمة «هُدىً لِلنّٰاسِ وَ بَيِّنٰاتٍ مِنَ
الْهُدىٰ وَ الْفُرْقٰانِ»
حيث كنتم في ظلمات الجهل و تلك الهداية هي الدعوة إلى
اللّه و تعليم الخلق كيفيّة السلوك إلى حضرة قدسه. استعارة مرشحة و قوله تسنمّتم العلياء .أي بتلك الهداية و
شرف الإسلام علا قدركم و شرّف ذكركم،و لمّا استعار وصف السنام للعلياء ملاحظة
لشبهها بالناقة رشّح تلك الاستعارة بذكر التسنّم و هي ركوب السنام و كنّى به عن
علوّهم.
استعارة قوله و
بنا انفجرتم عن السرار .استعار لفظ السرار لما كانوا فيه من ليل الجهل في الجاهلية و
خمول الذكر،و لفظ الانفجار عنه لخروجهم من ذلك إلى نور الإسلام و اشتهارهم في
الناس و ذلك لتشبيهم بالفجر الطالع من ظلمة السرار في الضياء و الاشتهار ،قوله وقر
سمع لم يفقه الواعية كالتفات إلى الدعاء بالوقر على سمع لا يفقه صاحبه بواسطته
علما و لا يستفيد من السماع به مقاصد الكتب الإلهيّة و كلام الأنبياء عليهم
السّلام و الدعاة إلى اللّه،و حقّ لذلك السمع أن يكون أصمّ إذ كانت الفائدة منه
المقصودة إلى الحكمة الإلهيّة اكتساب النفس من جهته ما يكون سببا لكمالها و قوّتها
على الوصول إلى جناب اللّه و ساحل عزّته،فإذا كانت النفس معرضة عمّا يحصل من جهته
من الفائدة و ربّما كانت مع ذلك متلقّية منه ما يؤدّيه من الشرور الجاذبة لها إلى
الجهة السافلة فحقيق به أن يكون موقورا،و من روى وقر على ما لم يسمّ فاعله فالمراد
و قره اللّه و هو كلام على سبيل التمثيل أورده في معرض التوبيخ لهم و التبكيت
بالإعراض عن أوامر اللّه و طاعته، كناية و كنّى بالواعية عن نفسه إذ صاح فيهم
بالموعظة الحسنة و الحثّ على الألفة و أن لا يشقوا عصى الإسلام فلم يقلبوا ،و وجه
نظام هذه الكلمة مع ما قبلها أنّه لمّا أشار أوّلا إلى وجه شرفه عليهم و أنّه ممّن
اكتسب عنه الشرف و الفضيلة و كان ذلك في مقابلة
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 271