نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 218
المكاشف،فحيث
يتلو آيات الرجاء يغلب عليه استبشار و ينكشف له صورة الجنّة فيشاهدها كأنّه
يراها،و إن غلب عليه الخوف كوشف بالنار حتّى يرى أنواع عذابها،و ذلك لأنّ كلام
اللّه تعالى وارد باللطف و السهولة و الشدّة و العسف و الرجاء و الخوف و ذلك بحسب
أوصافه إذ منها الرحمة و اللطف و الإنعام و البطش،فبحسب مشاهدة الكمالات و الصفات
يتقلّب القلب في اختلاف الحالات،و بحسب كلّ حالة منها يستعدّ لنوع من المكاشفة
مناسب لتلك الحالة إذ يستحيل أن يكون حال المستمع واحد و المسموع مختلف،إذ فيه
كلام رضى و كلام غضب و كلام إنعام و كلام انتقام و كلام جبروت و تكبّر و كلام جنّة
و تعطّف، فهذه هي وظائف التلاوة. و لنرجع إلى المتن فنقول:
[قوله و خلّف فيكم ما خلّف
الأنبياء في اممها إذ لم يتركوهم هملا بغير طريق واضح و لا علم قائم]
استعارة قوله: و خلّف فيكم
ما خلّف الأنبياء في اممها إذ لم يتركوهم هملا بغير طريق واضح و لا علم قائم .إشارة إلى وضع ما
يجب في الحكمة الإلهيّة على ألسنة الرسل عليهم السلام من العبادات الشرعيّة و
القوانين الكلّيّة الّتي بها يبقى ذكر اللّه سبحانه محفوظا،و استعمال لفظ العلم
القائم هاهنا استعارة حسنة للآثار الباقية عن الأنبياء الّتي يهتدي بها الأوصياء و
الأولياء الّذين يرجع إليهم الخلق .
[قوله كتاب ربّكم]
قوله: كتاب ربّكم .عطف بيان لما في
قوله ما خلّفت الأنبياء ،و لا ينبغي أن يفهم ممّا شخص الكتاب حتّى يكون ما أتى به
محمّد صلى اللّه عليه و آله من الكتاب هو عين ما أتت به الأنبياء السابقون عليهم
السّلام و شخصه فإنّ ذلك محال،بل المراد بما نوع ما خلّفت الأنبياء في اممها من
الحقّ،و ما جاء به محمّد صلى اللّه عليه و آله شخص من أشخاص ذلك النوع،و بيان ذلك
أنّ القوانين الكلّيّة الّتي اشتركت في الإتيان بها جميع الأنبياء عليهم السّلام
من التوحيد و التنزيه للّه تعالى و أحوال البعث و القيامة و سائر القواعد الكليّة
الّتي بها يكون النظام الكلّي للعالم كتحريم الكذب و الظلم و القتل و الزنا و غير
ذلك ممّا لم يخالف فيه نبيّ نبيّا بمنزلة مهيّة واحدة كلّية وجدت في أشخاص،و كما
تعرض لبعض أشخاص المهيّة عوارض لا تكون لشخص الآخر و بها يكون اختلاف بين الأشخاص
بحسب الموادّ الّتي نشأت منها الصور الشخصيّة كذلك الكتب المنزلة على ألسنة
الأنبياء عليهم السّلام بمنزلة أشخاص اشتملت على مهيّة واحدة تختلف بحسب الزيادات
و العوارض على تلك المهيّة بحسب اختلاف الامم
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 218