ثانيتها:
أنّه يختلف مقتضى مقام الامتنان بحسب اختلاف الموارد.
فتارة:
يقتضي رفع الحكم و تضييق نطاق الخطاب، كما في أدلّة نفي الحرج و الضرر، و في فقرات
حديث الرفع و أدلّة البراءة الشرعيّة، كما جاء في كلمات الاصوليّين[1].
و
اخرى: يقتضي وضع حكم، و ذلك نظير الخطابات الدالّة على إثبات الأحكام الوضعية
امتنانا مثل قوله: «كلّ شيء لك نظيف حتّى تعلم أنّه قذر».[2]
و كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه.
فإنّ
هذه النصوص قد دلّت على جعل الحلّية و الطهارة في ظرف الشكّ امتنانا على العباد و
تسهيلا عليهم؛ حيث إنّه لولاها لوقع المكلّف في عسر و مشقّة من ناحية وجوب
الاجتناب عن مشكوك الحلّية و النجاسة في الشبهات البدويّة.
و
من هذا القبيل اقتضاء الامتنان صحّة معاملة المضطرّ؛ امتنانا عليه و على عياله. و
سيأتي بيان ذلك.
عموم
النكرة في سياق النفي إذا وقعت في مقام الامتنان، كما سبق آنفا.
و
قد استدلّ بعمومها الشهيد الثاني لتعميم استحباب الزواج إلى التسرّي؛ حيث قال: «و
قد نصّ الاصوليون على أنّ النكرة المثبتة في معرض الامتنان تفيد العموم لهذه
العلّة»؛[3] أي لأجل
مقام الامتنان.
ثمّ
استدلّ بذلك لتعميم «رجل متزوّج» في قوله عليه السّلام: «الركعتان يصلّيهما
[1] فوائد الاصول: ج 1، ص 164، مقالات الاصول، ج 1، ص
274 و ج 2، ص 168- 163.