و اشكل عليه
بأنّ شوكتهم و اقتدارهم إنّما لها دخل في مشروعية التقية الخوفية و الاضطرارية،
دون المداراتية. و ذلك لأخذ الخوف و احتمال الخطر و الضرر في مشروعية القسمين
الأوّلين، دون الأخير؛ لأنّ الحكمة في مشروعيتها- حسبما يستفاد من نصوصها- جلب
محبّتهم و جرّ مودّتهم و تقوية الوحدة بين الشيعة و السنّة، فإنّ المسلمين يد
واحدة على من سواهم من الكفّار و المشركين، و لا سيّما الصهيونية الجائرة الغاصبة.
و
هذا الإشكال متين لا غبار عليه. فإنّ في النصوص الآمرة بالتقية المداراتية ما ورد
فيه الأمر بترك ما ينكرون و فعل ما يعرفون، و الترحّم على من جرّ مودّتهم على نحو
الإطلاق، من دون قيد كما سبق ذكرها عند البحث عن التقية المداراتية. و دعوى
انصرافها إلى تلك الأعصار المتقدّمة لا شاهد لها، مع منافاتها لما ذكر فيها من
الحكم و المصالح لهذا النوع من التقية. و لأجلها يتقوّى ظهور بعض التعابير-
الموهمة للاختصاص بذلك الزمان كقوله: «عشائرهم و ...»- فيما قلنا. و أنّ ذكر ذلك
من باب المصداق.
ثمّ
إنّه لا يخفى أنّ التقية فيما إذا لم يترتّب على تركها ضرر و لا خوف خطر، إنما
تجوز لأجل جلب المودّة و المنفعة و التحابب إليهم و المجاملة في المستحبّات، كما
ذكر بعضها في النصّ المذكور آنفا. و أمّا الواجبات، فإنّما تجوز معهم في خصوص
الصلاة، لا في غيرها من فعل ساير المحرّمات و ترك الواجبات، فإنّ ذلك من قبيل
المداهنة المحرّمة، كما سبق.
و
الحاصل: أنّ التقية المداراتية لا تجوز في غير الصلاة؛ نظرا إلى نصوصها الخاصّة.
التقية
الإكراهية
و
هي الّتي يستعملها الشخص عند الإكراه؛ بأن يتّقي من الغير؛ خوفا من تهديده بضرب أو
قتل أو هتك عرض أو إضرار. فإنّ