و فصّل
آخرون في المقام بين الوصيّة التمليكية و ما يلحق بها، و بين العهدية.
فحكموا
باحتياج الاولى إلى القبول؛ لأنّها في الحقيقة عقد تمليك، و كونها مجّانية جائزة
لا ينافي الحاجة إلى القبول، على تفصيل سيأتي، بخلاف الثانية؛ و هي الوصيّة
العهدية، حيث لا يكون عقداً و لا دليل آخر على اعتبار القبول فيها.
و
هذا ممّا لا ينبغي الشكّ فيه، كما قال في «الجواهر»: إنّ الوصيّة بهذا المعنى ليست
من العقود قطعاً، بل ضرورة[1].
و
لا يخفى: أنّ الذي رأيته من كلمات الفقهاء ظاهر في أنّ مقصودهم من الوصيّة
المحتاجة إلى القبول هو التمليكية، كما يفهم ذلك من التفصيل المتراءى في مطاوي
كلماتهم بين التمليك لمعيّن و لغير معيّن.
و
يشهد على ذلك أيضاً ما دلّ على وجوب العمل بالوصيّة على الموصى إليه إذا لم
يردّها، أو ردّها و لكن لم يبلغ الموصي.
و
من هنا تعرف المنافاة بين بناء المشهور على ذلك، و بين كون الوصيّة عقداً.
و
عند التأمّل في ذلك يُعلم: أنّ مرادهم هناك من الوصيّة المحتاجة إلى القبول هو
التمليكية. و لكن مقصودهم هنا هو الوصيّة العهدية. و بذلك يرتفع المنافاة، كما قال
في «الدروس»: و على ما قلناه- من اللزوم بالموت و عدم الردّ- لا عبرة بقبول الوصيّ
و عدمه، بل العبرة بعدم الردّ الذي يبلغ الموصي، فإن حصل، و إلّا لزم[2].
هذا
حاصل كلامهم. و أمّا مقتضى التحقيق فسيأتي بيانه، إن شاء اللَّه.
و
هنا نكتة اخرى لا ينبغي الغفلة عنها، و هي: أنّ من لا يعتبر قبوله في العهدية هل
هو خصوص الموصى إليه- أي الوصيّ- كما هو ظاهر «الدروس»، أو