و قد وقع
البحث أيضاً في أنّ الثلاثي المجرّد و المزيد هل يكونان مادّتان مستقلّتان مع
وضعين على حدة على نحو الاشتراك اللفظي، أو داخلان في معنى واحد جامع و لهما وضع
واحدٌ على سبيل الاشتراك المعنوي؟
يخطر
بالبال: أنّ القول الثاني هو الأقوى، و إن رجّح في «المستمسك» القول الأوّل؛ نظراً
إلى أنّه قدس سره جعل الاشتراك اللفظي بين الثلاثي و الرباعي، و الحال أنّ
الاشتراك واقع بين الثلاثي المجرّد و بين المزيد منه؛ فإنّ التوصية و الإيصاء
مصدران للثلاثي المزيد لا الرباعي، و كلّ فعل مزيد يشترك مع مجرّده في حاقّ المعنى
و أصله بنحوٍ، و إنّ معنى التوصية و الإيصاء و إن كان بمعنى العهد- كما هو
المعروف- أو الأمر و التذكير و الاستعطاف- كما في «المصباح المنير»- إلّا أنّ
العهد هنا عهد خاصّ في حال الحياة بما بعد الوفاة؛ فكأنّ الموصي بإعمال مالكيته
يجرّ ولايته على التصرّف إلى ما بعد الموت.
و
هذا في الحقيقة نوع استعطاف لمالكيته و ولايته حالَ الحياة على حال الممات، كما
أشار إليه في «المصباح المنير».
و
أمّا التذكير و الأمر فمن قبيل التعريف بالأسباب، و إنّهما كما يكونان سببان
لتحقّق العهد الخاصّ فكذلك سببان لتحقّق الوصل و الاستعطاف على النحو الخاصّ
المزبور.
و
على فرض كونهما بمعنى مطلق العهد في اللغة، فأيضاً اشرب فيه معنى الوصل، بلحاظ أنّ
العهد هو نوعٌ من الارتباط و الاستعطاف بين طرفي العهد؛ و لذا فُسّر العقود في
قوله تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»[1]
بالعهود، فكأنّ بالعهد يُعقد بين الطرفين.