و
لكن لا يخفى عليك تخصيص عموم «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ»
بما دلّ من النصوص- الواردة في المقام- على عدم صحّة المضاربة بالدين، كمعتبرة
السكوني الآتية. نعم، مع قطع النظر عن النصوص الخاصّة، يكفي عموم
«تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» في انثلام الأصل المزبور، لفرض رضا المالك بذلك
و صدق عنوان التجارة حينئذٍ عرفاً بلا ريب.
الثالث:
معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام
في رجل له على رجل مال فيتقاضاه و لا يكون عنده، فيقول: هو عندك مضاربة، قال عليه
السلام: «لا يصلح حتّى تقبضه منه»[1].
لا
إشكال في دلالتها على عدم جواز كون رأس المال ديناً، بل هي صريحة في المطلوب، كما
قال في الحدائق[2]. و أمّا
المنفعة فهي أولى بالعدم؛ لعدم تحقّقٍ و حصولٍ لها حين إنشاء العقد بأيّ وجه؛
بخلاف الدين.
و
أمّا سنداً فقد رواها المشايخ الثلاثة بطرقهم عن السكوني. و لا كلام في أحدٍ من
رجال سندها، إلّا النوفلي. و الأقوى اعتبار رواياته. و ذلك لوقوعه في أسناد روايات
كثيرة متجاوزة عن ثمان مائة و ستّة و ستين بعناوين النوفلي و الحسين بن يزيد و
الحسين بن يزيد النوفلي، و لما له من الاصول و الكتب الروائية، كما ذكره النجاشي و
الشيخ.
و
عليه فالرجل لمّا كان له من الاشتهار بهذه الدرجة، و لم يتعرّض أحدٌ
[1] - وسائل الشيعة 19: 23، كتاب المضاربة، الباب 5،
الحديث 1.