إسقاط
الاحترام. و قد ثبت في محلّه أنّ كلّ قاعدة اعدم بجريانها موضوع قاعدة اخرى، فهي
واردة عليها، كالأمارة المُعدم بقيامها موضوع الأصل، و هو الشكّ.
مقتضى
التحقيق التفصيل في جريان قاعدة الإقدام
هذا،
و لكن التأمّل يقتضي التفصيل في جريان قاعدة الإقدام بين صورة إطلاق إذن المالك
الشامل لغير المضاربة من سائر عناوين المعاملات، و بين تقيُّده بالمضاربة، فتجري
في الصورة الاولى دون الثانية.
و
ذلك لأنّ إقدامه على العمل لا يكون إهداراً له بسبب علمه بفساد المضاربة حين
إنشائها، مع التفاته إلى إطلاق إذن المالك و شموله لغير المضاربة و كون المعاملات
الصادرة منه بإذن المالك عند انكشاف فساد المضاربة؛ نظراً إلى ترتّب الغرض
المعاملي على عمله باستحقاق اجرة المثل حينئذٍ. و ذلك لأنّ كلّ من أمر غيره بالعمل
ضامنٌ لقيمة عمله التي هي اجرة مثله.
لا
يقال: إنّ الإذن بالمعاملة ليس إذناً بالعمل.
فإنّه
يقال: إنّ جلب المشتري المناسب و شراء الجنس النافع و إنشاء التجارة الرابحة عمل
ثمين، له مالية عند العقلاء أكثر قيمةً من عمل الوزّان و الحمّال و نحوه. نعم،
الإجازة اللّاحقة ليست إذناً للعمل، و إنّما هو إذن لغرض تصحيح العقد. فلا يستحقّ
بها العامل اجرةً.
و
الحاصل: أنّ قاعدة الإقدام إنّما تجري في حقّ العامل في صورة واحدة؛ و هي ما لو
كان إذن المالك متقيّداً بالمضاربة و كان العامل عالماً بفسادها حين إنشائها. و من
هنا لا تجري قاعدة ضمان الإتلاف بالتسبيب و لا قاعدة احترام عمل المؤمن. فلا وجه
لضمان المالك اجرة مثل عمل العامل حينئذٍ.