عنه، و أنّ
العمل و إن كان غير موجود بالفعل حين إنشاء المصالحة، و ذات المنفعة التي أثره
معدومة طبعاً، و تمليك المعدوم غير جائز، إلّا أنّ عمل كلّ شخص في قوّة الموجود؛
لفرض قدرته عليه في كلّ آنٍ أراد إيجاده. و من هنا يعتبره العقلاء مالًا قبل
صدوره، كما في باب إجارة الأعمال. فإنّ العقلاء يحكمون بصحّة إجارة الأشخاص،
كإجارة الحمّال و البنّاء و الخيّاط و النجّار. فإنّ إجارتهم تصحّ و تتمّ قبل صدور
أعمالهم- التي هي متعلّق الإجارة- في الخارج. و قد أمضاها الشارع، و لم يُفت أحدٌ
هناك باشتراط تحقّق العمل من الأجير حين إنشاء الإجارة في صحّتها، بل يرونها صحيحة
تامّة قبل تحقّق العمل منه. و لذلك يُلزمونه على العمل بعد عقد الإجارة، وفاءً له
بالعقد، فلو لم يصحّ لم يجب الوفاء به.
فكذلك
في المقام. فالمصالحة على الأعمال بهذا المعنى- أي على ذات منافعها، لا على
اجورها- من قبيل الإجارة على الأعمال من هذه الجهة؛ أي عدم اشتراط تحقّق العمل و
وجود منفعته حين إنشاء العقد، في صحّة المصالحة و الإجارة.
و
على أيّ حال فالمصالحة بأحد الوجوه الثلاثة المزبورة، بالمعنى المقصود في المقام-
و هو تمليك كلّ واحد حصّة من اجرة عمله بإزاء تمليك الآخر له حصّة من اجرة عمله-
باطلة؛ لرجوعها إلى تمليك المعدوم. فلا تصحّ لإنتاج نتيجة شركة الأعمال. و أمّا
بمعنى تمليك حصّة من ذات منفعة العمل، تصحّ لما قلناه و تفيد بالمآل الشركة في
اجرة العملين- التي هي نتيجة شركة الأبدان- لأنّها وجود ذات المنفعة في الخارج.
لكنّها إنّما تصحّ لو لا إشكال كون العوضين ما في الذمّة، و إلّا فلا مناص من
تعيُّن الحيلة في المصالحة بين الحصّتين بدينار، أو أيّ عوض موجود.