إن
قلت: التصرّف في مال الغير إنّما يكون حراماً و أكلًا بالباطل إذا لم يكن برضا
المالك و طيب نفسه. و أمّا إذا كان بطيب نفسه و رضاه- كما في المقام- فلا يكون
حراماً.
قلت:
ليس مقصود الشهيد حرمة أصل التصرّف؛ لوضوح ارتفاعها بإذن المالك و رضاه و إباحته
للتصرّف، بل مراده منع جواز التصرّف المالكي المتوقّف على حصول التمليك، كما هو
المراد من قوله تعالى: «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ»[2]؛
لأنّ من الواضح جواز التصرّف في مال الغير بإذنه و رضاه و إباحته كتصرّف الضيف في
مال المضيف، بل مطلق موارد التصرّف في مال الغير عند رضاه و طيب نفسه، مع عدم صدق
عنوان التجارة و المعاوضة في شيءٍ من هذه الموارد.
[1] - قال قدس سره في تعليل فساد العقد و الشرط:
لانتفاء دليل يدلّ على الصحّة، و لأنّه أكل مالٍ بالباطل، لأنّ الزيادة ليس في
مقابلها عوض، لأنّ الفرض أنّها ليست في مقابله عمل، و لا وقع اشتراطها في عقد
معاوضة لتضمّ إلى أحد العوضين، و لا اقتضى تملّكها عقد هبةٍ، و الأسباب المثمرة
للملك معدودة، و ليس هذا أحدها، فيكون اشتراطها اشتراطاً لتملّك شخص مال غيره بغير
سببٍ ناقلٍ للملك، كما لو دفع إليه دابّة يحمل عليها، و الحاصل لهما، فيبطل العقد
المتضمّن له؛ إذ لم يقع التراضي بالشركة و الإذن في التصرّف، إلّا على ذلك التقدير
و قد تبيّن فساده، فلا يندرج في الأمر بالإيفاء بالعقود، و لا في« المؤمنون عند
شروطهم». و ليست الشركة تجارةً إلّا أن يكون الشرط للعامل، و جوازه مسلّم، فلا
تتناوله آية التراضي. و هذا يتمّ مع عدم زيادة عمل ممّن شرطت له الزيادة و إلّا
لكان معاوضة و تجارة، و لم يرد عليه ما ذكر، فينبغي على هذا تقييد الجواز بذلك.
مسالك الأفهام 4: 312.