تعالى بأمد
الحكم و دوام مصلحة تشريعه حتى يستحيل، فلا ريب في إمكان النسخ. و لا يلزم منه
البداء المستحيل؛ حيث إنّ معناه- كما أشرنا إليه آنفا: أن يظهر للّه تعالى ما لم
يكن يعلمه و يحتسبه، من انتهاء أمد الحكم المجعول و انتفاء مصلحة تشريعه، و تبديله
إلى حكم آخر. و لا ريب في استحالة ذلك في حقه تعالى؛ لاستلزامه تطرّق الجهل إلى
ذاته المقدّسة.
قال
ابو هلال: «و البداء أصله الظهور. تقول بدا لي الشيء إذا ظهر و تقول: بدا لي في
الشيء إذا ظهر لك فيه رأي لم يكن ظاهرا لك، فتركته لأجل ذلك. و لا يجوز على اللّه
البداء؛ لكونه عالما لنفسه. و ما ينسخه من الأحكام و يثبته، إنّما هو على قدر
المصالح، لا أنّه يبدو له من الأحوال ما لم يكن باديا. و البداء هو أن تأمر المكلف
الواحد بنفس ما تنهاه عنه على الوجه الذي تنهاه عنه و الوقت الذي تنهاه فيه عنه. و
هذا لا يجوز على اللّه؛ لانه يدل على التردد في الرأي»[1].
و
قال ابن فارس: «الباء و الدال و الواو أصل واحد، و هو ظهور الشيء ...
و
تقول: بدا لي في هذا الأمر بداء؛ أي تغيّر رأيي عمّا كان عليه»[2].
الكلام
في وقوع النسخ و أقسامه
و
أمّا وقوعه في شريعة الإسلام، فلا خلاف فيه بين الفريقين في الجملة. و قد دلّ على
أصل وقوعه قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها
نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها[3].،
فلا كلام فيه.
و
إنّما الكلام في موارد وقوعه من حيث نسخ التلاوة أو الحكم أو كليهما، و من حيث نسخ
كل من الكتاب و السنة و الاجماع و العقل بالآخر.
قال
السيد الخوئي قدّس سرّه: «لا خلاف بين المسلمين في وقوع النسخ، فإنّ كثيرا