الطريق
للناس إلى فهم القرآن، بحيث لولاه لم يمكن لهم فهمه و كشف مراد اللّه من آياته، بل
إنّما يسهّل النبيّ فهم القرآن بالتبيين.
قال
قدّس سرّه: «و من هنا يظهر أنّ شأن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في هذا المقام هو
التعليم فحسب.
و
التعليم إنّما هو هداية المعلم الخبير ذهن المتعلم و إرشاده إلى ما يصعب عليه
العلم به و الحصول عليه، لا ما يمتنع فهمه من غير تعليم. فانما التعليم تسهيل
للطريق و تقريب للمقصد، لا ايجاد للطريق و خلق للمقصد. و المعلم في تعليمه إنّما
يروم ترتيب المطالب العلمية و نضدها على نحو يستسهله ذهن المتعلم و يأنس به، فلا
يقع في جهد الترتيب و كدّ التنظيم، فيتلف العمر و موهبة القوة أو يشرف على الغلط
في المعرفة.
و
هذا هو الذي يدل عليه أمثال قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ
الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ الآية
(النحل: 44)، و قوله تعالى: وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ
الْحِكْمَةَ (الجمعة: 2). فالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما يعلّم الناس و
يبيّن لهم ما يدل عليه القرآن بنفسه، و يبيّنه اللّه سبحانه بكلامه، و يمكن للناس
الحصول عليه بالأخرة»[1].
و
هذا العلم- بعد الاستشهاد بالآيات الآمرة بالتدبّر في القرآن، و بآيات التحدّي، و
النصوص الآمرة بالتمسك بالقرآن، و نصوص العرض، و حديث الثقلين؛ لاثبات جواز تفسير
القرآن بالقرآن و كفاية الآيات القرآنية لفهم القرآن و تفسيره مطلقا-، قال:
«فالحق
أنّ الطريق إلى فهم القرآن الكريم غير مسدود، و إنّ البيان الالهي و الذكر الحكيم
بنفسه هو الطريق الهادي إلى نفسه، أي أنّه لا يحتاج في تبيين مقاصده إلى طريق.
فكيف يتصور أن يكون الكتاب- الذي عرّفه اللّه تعالى بأنّه هدى و أنّه نور و أنّه
تبيان لكلّ شيء- مفتقرا إلى هاد غيره و مستنيرا بنور غيره