من هنا وصف به اللَّه (تعالى)، كما صرّح بذلك في النهاية.
ثانيها: أنّها علم بوجود الأشياء بغير واسطة، و إن شئت فقل إنّها علم
حضوري لا حصولي؛ فلذا تشمل ما يُعلم باحدى الحواس الخمسة و
بالوجدان و الضرورة، كعلمنا بما نراه و نسمعه و نلمسه و نذوقه و
نَشُمُّه و علمنا بوجود أنفسنا، كما صرّح بهذا المعنى أبو الهلال. و بذلك
فرّق بين الشهادة و العلم. فانّه (تعالى) عالمٌ بجميع الأمور و الأشياء
بالحضور و المعاينة، لا بالحصول و المباينة.
ثالثها: العلم بالأمور الظاهرة الحاضرة، كما قال في النهاية، و لكنّه لا
يناسب أن يوصف به اللَّه (تعالى)؛ لأنه (تعالى) بكل شيءٍ عليم و على كل
شيءٍ شهيد، حاضراً كان أو غائباً، باطناً كان أو ظاهراً، سرّاً كان أو
جهراً، كما دلّت الآيات على توصيف اللَّه (تعالى) بالشهيد بمعناه الواسع
الجامع الشامل لكل معلوم له (تعالى).
رابعها: بمعنى الشهادة على فعل شخص بالاخبار عنه بما سمعه و
رَأه، مطلقاً أو في محكمة القضاء. و يصح توصيفه (تعالى) بالشهيد بهذا
المعنى؛ لأنّه (تعالى) يشهد على الخلائق يوم القيامة بما يعلمه من أفعالهم،
كما صرّح بهذا المعنى في النهاية.