أولًا:
الآية الآمرة بغض البصر عن الأجنبية من دون نهي عن أصل النظر بغمض العين و هي قوله
تعالى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ
..[1]
فإنّ غضّ البصر في اللغة بمعنى نقص البصر و تخفيفه كما في الصحاح و القاموس و مجمع
البحرين و المفردات و مجمع البيان و ساير معاجم اللغة و التفاسير[2].
و إنّما يتحقق نقصان البصر بتخفيف النظر و ترك التأمّل و الإمعان فيه كما يكون
بعدم التكرار و الإعادة. إلّا أنّ الموجب لإثارة الشهوة و الوقوع في الفتنة
المبتني عليه تحريم النظر هو الأوّل لا مجرّد التكرار الخالي عن الغور و المكث و
الإمعان. و عليه فليست الآية بصدد النهي عن أصل النظر و إلّا لكان المناسب أن
يتعلق الأمر بإغماض العين و ترك النظر. و الفرق بينهما واضح. فإنّ إغماض العين و
تغميضها إطباق أجفان العين و أطرافها كما في المصباح[3]
و غيره.
و
هذا بخلاف غضّ البصر فإنه نقص البصر و تخفيفه بترك الغور و الإمعان و عدم التحدُّق
و المكث فيه[4].
و
الذي تعلق الأمر به في الآية الشريفة هو غضّ البصر لا إغماضه. كما أنّ مناسبة عدم
الوقوع في الفتنة بإثارة الشهوة تقتضي كون المقصود من الأمر بالغضّ