الخصي
الحرّ. و أمّا صحيحة ابن بزيع فصدرها ناظر إلى الخصي المملوك حيث نفى الإمام (عليه
السّلام) الحرية بقوله: «لا» في جواب السؤال عن ذلك. و أمّا ذيلها فناظرٌ إلى عدم
وجوب التقنّع من الخصيان الأحرار كما صرّح بذلك في موضوع السؤال.
و
عليه فالتنافي إنّما هو بين صدر هذه الصحيحة و بين صحيحة محمّد بن إسحاق. و مقتضى
القاعدة كما قلنا حمل النهي الوارد في الصحيحة الثانية على الكراهة و بذلك يترجّح
القول بكراهة نظر الخصيّ المملوك إلى الأجنبية الحرّة، و بذلك يؤخذ بالقيدين
المأخوذين في موضوع استثناء «التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي
الْإِرْبَةِ» في الآية، كما سبق آنفاً.
و
أمّا الخَصيّ الحُرّ فيكفي ذيل صحيحة ابن بزيع لإثبات عدم وجوب ستر الأجنبية
الحرّة شعرها عنه و جواز نظره إلى شعرها و لا معارض له في البين.
و
على فرض التعارض بين هاتين الصحيحتين كما قيل، فالمرجع حينئذٍ هو إطلاق الدليل
الخاص الدالّ على جواز إبداء الزينة للتابعين غير أولى الإربة. حيث قال: لا إجمال
في هذه الفقرة من عقد المستثنى في الآية. بناءً على ما سلكناه. و مقتضاه الحكم
بجواز نظر الخصي إلى مالكته و نساء مالكه، نظراً إلى حصول قيدي الاستثناء فيه، و
هما التبعية و عدم الشهوة. كما هو مفاد صدر صحيح ابن بزيع. و أمّا الخصيّ الحرّ
فلا إشكال في دلالة ذيل هذه الصحيحة على جواز نظره إلى الأجنبية بلا معارض في
البين نظراً إلى عدم تعرُّض صحيح محمّد بن إسحاق إلى حكمه.
و
لكن الأظهر عدم التعارض بينهما فمقتضى التحقيق جواز نظر الخصي إلى الأجنبية الحرّة
مطلقاً، سواءُ كان الخصي مملوكاً أو حرّا. إلّا أنّ الخصيّ المملوك يكره له النظر
إلى شعر سيّدته و كذا إلى شعور نساء سيّده لأنّه مقتضى الجمع بين الصحيحتين
المزبورتين كما قلنا.