عرفنا
فيما سبق أن الألفاظ لم توضع للمعاني بقيد الإرادة بل لذوات المعاني.
هذا
و لكن صاحب الفصول ذكر أن هذا يتنافى مع المنقول عن العلمين الطوسي و ابن سينا من
أن الدلالة تابعة للإرادة.
و
الجواب عن هذا الذي ذكره صاحب الفصول يتوقف على بيان مقدمة هي: أن دلالة الألفاظ
على معانيها ذات أنحاء ثلاثة، نشير الآن إلى اثنين منها:
1-
الدلالة التصورية، و هي كون سماع اللفظ موجبا لخطور معناه في ذهن السامع، فإنه لو
سمعنا كلمة كتاب مثلا انتقش في ذهننا معنى الكتاب و خطر ذلك فيه حتّى لو كان ذلك
قد صدر فرضا من شخص نائم أو من الجدار.
2-
الدلالة التصديقية، و هي دلالة الكلام على أن المتكلم يريد معناه واقعا، فإن لكل
كلام ظهورا في معنى معين، و لكن هذا الظهور وحده لا ينفع إلّا إذا ثبت أن المتكلم
يريد ذلك المعنى المعيّن واقعا، و متى ما ثبت أن المتكلم يريد واقعا المعنى الظاهر
للكلام كان ذلك هو الدلالة التصديقية.