و فيه: أن هذا مبني على أن سر حاجة الممكنات إلى العلة هو
حدوثها و لكنه ليس كذلك بل هو إمكانها و فقرها الذاتي، و معه يكون الإنسان في بقاء
وجوده و في كل أفعاله محتاجا إلى اللّه سبحانه لا أنه مستغن عنه.
على أنه لو سلّمنا أن سر
الحاجة هو الحدوث فنقول: إن البقاء عبارة عن مجموعة وجودات و كلها لم تكن سابقا
ثمّ ثبتت و حصلت، فهي بأجمعها مسبوقة بالعدم، و بالتالي هي بأجمعها حدوثات، فيحتاج
كل واحد منها إلى العلة، غاية الأمر جرى الاصطلاح بالتعبير عن الأوّل بالحدوث و عن
البقية بالبقاء إلّا أن مجرد الاصطلاح لا يغيّر من الواقع شيئا.
فكرة الأمر بين
الأمرين:
بعد أن حاربت روايات أهل
البيت عليهم السّلام فكرة الجبر و فكرة التفويض أثبتت فكرة الأمر بين الأمرين و
المنزلة بين المنزلتين.
و قد وردت في ذلك روايات
كثيرة جمعها الشيخ المجلسي في بحاره في الجزء الخامس (ص 4- 84).
و ما هو المقصود من هذه
الجملة القصيرة المجملة التي انعكس إجمالها على الرواة حيث سألوا الأئمّة عليهم
السّلام عن ذلك.[1]
قد يتخيل أن المقصود
وجود شيء من الجبر و شيء من التفويض، و قد نقل الشيخ المجلسي قولا يقول: إن بعض
الأفعال تقع باختيار العبد، و هي الأفعال التكليفية، كالصلاة و الصوم و الحج و
نحوها، و بعضها يقع بغير اختياره كالصحة و المرض و النوم و اليقظة.
و هذا باطل، فإن الجبر
باطل قليله و كثيره، و إنما المقصود من الأمر