و أجاب الفلاسفة على ما في نهاية الحكمة[1] بأن الإرادة الأزلية لم تتعلق بذات
الفعل بل هي متعلقة بالفعل الصادر عن إرادة الإنسان، فاللّه سبحانه أراد من
الإنسان أن يفعل الصلاة و سائر الأفعال عن اختياره، و معه فلا بدّ و أن يكون صدور
الفعل عن اختيار الإنسان، إذ لو لم يصدر عن اختياره يلزم حينذاك تخلف المراد عن
الإرادة.
و هذا الجواب قد بنى
عليه الشيخ الآخوند في كفايته في مبحث الطلب و الإرادة.[2]
و يمكن الايراد على
الجواب المذكور بأن الفعل و إن صار بواسطة هذا البيان اختياريا إلّا أنه يمكن نقل
الكلام إلى نفس الإرادة، فإنها أيضا ممكن من الممكنات فيلزم أن تنتهي إلى إرادة
اللّه سبحانه، و بذلك يلزم الجبر، حيث يصير الإنسان غير مختار في إرادته لأن اللّه
سبحانه أراد منه تلك الإرادة.
و الشيخ الآخوند يظهر
منه التسليم بهذا الإشكال و تخلّص من إشكال العقاب بأنه- العقاب- هو من اللوازم
الذاتية للمعصية، و هي من لوازم الإرادة، و هي ناشئة عن الشقاوة الذاتية، و الذاتي
لا يعلل.
و قد أشرنا فيما سبق إلى
مواقع الخلل في هذا الجواب و إلى ما هو الصحيح في الجواب.
الشبهة الثالثة:
إن الإرادة حيث إنها أمر
حادث ممكن فطبقا لقاعدة الشيء ما لم يجب لا يوجد يلزم أن تصل إلى درجة الوجوب، و
معه تصير الإرادة ضرورية و يعود الإشكال.
______________________________
(1)
نهاية الحكمة: 303.