3- التمسك
بقضية بريرة، فإنها كانت أمة و كان زوجها عبدا اسمه مغيث و اشترتها عائشة من
مواليها و أعتقتها، و لمّا أعتقتها عائشة خيّرها النبي صلى اللّه عليه و آله بين
أن تبقى مع زوجها أو تفارقه فاختارت مفارقته فأخذ زوجها يمشي في طرق المدينة و هو
يبكي و طلب من النبي صلّى اللّه عليه و آله أن يتشفّع له لدى زوجته فأجابت:
أ
تأمرني يا رسول اللّه فقال: بل إنما أنا شافع،[1]
و هذا يؤيّد وضع الأمر للوجوب، و كأنها تريد أن تقول للرسول صلّى اللّه عليه و
آله: إذا كان طلب بنحو الالزام فأنا مطيعة فقال لها صلّى اللّه عليه و آله: كلا، و
إنما أريد أن أشفع له.
[1] قصة بريرة جاءت بالشكل التالي: عن الحلبي: سألت أبا
عبد اللّه عليه السّلام عن أمة كانت تحت عبد فاعتقت الأمة، قال:« أمرها بيدها، إن
شاءت تركت نفسها مع زوجها و إن شاءت نزعت نفسها منه».
و قال: و ذكر إن بريرة كانت عند
زوج لها و هي مملوكة فاشترتها عائشة و أعتقتها فخيّرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و آله و قال:« إن شاءت أن تقر عند زوجها و إن شاءت فارقته»، و كان مواليها الذين
باعوها اشترطوا على عائشة أن لهم ولاءها فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«
الولاء لمن اعتق».
و تصدّق على بريرة بلحم فاهدته
إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعلقته عائشة و قالت: إن رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله لا يأكل لحم الصدقة، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
اللحم معلّق، فقال:« ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟»، فقالت: يا رسول اللّه صدّق به
على بريرة و أنت لا تأكل الصدقة، فقال:« هو لها صدقة و لنا هدية» ثمّ أمر بطبخه
فجاء فيها ثلاث من السنن. وسائل الشيعة 21: 161/ الباب 52 من أبواب نكاح العبيد و
الاماء/ الحديث 2.
و أنت تلاحظ أن موضوع الاستشهاد
ليس مذكورا فيها، و لكن جاء في مستدرك الوسائل 15: 32/ الباب 36 من أبواب نكاح
العبيد و الاماء/ الحديث 3 ما نصه: روى ابن عبّاس: إن زوج بريرة كان عبدا أسود
يقال له: مغيث كأني انظر إليه يطوف خلفها يبكي و دموعه تجري على لحيته فقال النبي
صلّى اللّه عليه و آله للعبّاس: يا عبّاس أ لا تعجب من حبّ مغيث بريرة و من بغض
بريرة مغيثا؟ فقال لها النبي صلّى اللّه عليه و آله:« لو راجعتيه، فإنه أبو ولدك»،
فقالت: يا رسول اللّه أ تأمرني؟ فقال:« لا، إنما أنا شفيع»، فقالت: لا حاجة لي
فيه.