و بالجملة
فما كان من الواجبات الكفائية ثبت من دليله وجوب نفس ذلك العنوان فلا يجوز أخذ
الأجرة عليه بناء على المشهور و أما ما أمر به من باب إقامة النظام فأقامه النظام
تحصل ببذل النفس للعمل في الجملة و أما العمل تبرعا فلا و حينئذ فيجوز طلب الأجرة
من المعمول له إذا كان أهلا للطلب منه و قصدها إذا لم يكن ممن يطلب منه كالغائب
الذي يعمل فيما له عمل لدفع الهلاك عنه و كالمريض المغمى عليه و فيه أنه إذا فرض
وجوب إحياء النفس و وجب العلاج مقدمة له فأخذ الأجرة عليه غير جائز-.
[مختار
المؤلف]
فالتحقيق
على ما ذكرنا سابقا أن الواجب إذا كان عينيا تعينيا لم يجز أخذ الأجرة عليه و لو
كان من الصناعات فلا يجوز للطبيب أخذ الأجرة على بيان الدواء أو بعد تشخيص الدواء
و أما أخذ الوصي الأجرة على تولي أموال الطفل الموصى عليه الشامل بإطلاقه لصورة
تعين العمل عليه فهو من جهة الإجماع و النصوص المستفيضة على أن له أن يأخذ شيئا و
إنما وقع الخلاف في تعيينه فذهب جماعة إلى أن له أجرة المثل حملا للأخبار على ذلك
و لأنه إذا فرض احترام عمله بالنص و الإجماع فلا بد من كون العوض أجرة المثل. و
بالجملة فملاحظة النصوص و الفتاوى في تلك المسألة ترشد إلى خروجها عما نحن فيه و
أما باذل المال للمضطر- فهو إنما يرجع بعوض المبذول لا بأجرة البذل- فلا يرد نقضا
في المسألة و أما رجوع الأم المرضعة بعض إرضاع اللبأ مع وجوبه عليها بناء على توقف
حياة الولد عليه فهو إما من قبيل بذل المال للمضطر و إما من قبيل رجوع الوصي بأجرة
المثل من جهة عموم الآية فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَ فافهم و إن كان كفائيا جاز الاستيجار عليه فيسقط الواجب بفعل
المستأجر عليه عنه و عن غيره و إن لم يحصل الامتثال. و من هذا الباب أخذ الطبيب
الأجرة على حضوره عند المريض إذا تعين عليه علاجه فإن العلاج و إن كان معينا عليه
إلا أن الجمع بينه و بين المريض مقدمة