أقول فإن
أراد اتصاف الخبر في [51] الواقع فقد تقدم أنه دائر مدار موافقة المخبر و مخالفته
للواقع لأنه معنى الخبر و المقصود منه دون ظاهره الذي لم يقصد. و إن أراد اتصافه
عند الواصف فهو حق مع فرض جهله بإرادة خلاف الظاهر. لكن توصيفه حينئذ باعتقاد أن
هذا هو مراد المخبر و مقصوده فيرجع الأمر إلى إناطة الاتصاف بمراد المتكلم و إن
كان الطريق إليه اعتقاد المخاطب.
و
مما يدل على سلب الكذب عن التورية
ما
روي في الاحتجاج: أنه سئل الإمام الصادق ع عن قول الله عز و جل في قصة إبراهيم على
نبينا و آله و عليه السلام بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا
فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ قال ما فعله كبيرهم و ما كذب
إبراهيم قيل و كيف ذلك فقال إنما قال إبراهيم فسئلوهم إن كانوا ينطقون أي إن نطقوا
فكبيرهم فعل- و إن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا فما نطقوا و ما كذب إبراهيم: و
سئل [أبو عبد الله ع] عن قول الله تعالى [في يوسف]
أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال إنهم
سرقوا يوسف من أبيه أ لا ترى أنهم قالوا نفقد صواع الملك و لم يقولوا سرقتم صواع
الملك: و سئل عن قول الله عز و جل حكاية عن إبراهيم ع إِنِّي
سَقِيمٌ قال ما كان إبراهيم سقيما و ما كذب إنما عنى سقيما في دينه أي
مرتادا و في مستطرفات السرائر من كتاب ابن كثير قال: قلت لأبي عبد الله ع الرجل
يستأذن عليه فيقول للجارية قولي ليس هو هاهنا فقال ع لا بأس ليس بكذب فإن سلب
الكذب مبني على أن المشار إليه بقوله هاهنا موضع