و قد استدلّ على الاستصحاب تارة بأنّه مفيد للظنّ بالبقاء، و اخرى بجريان
السيرة العقلائيّة عليه، و ثالثة بالروايات.
أمّا الأوّل: فهو ممنوع صغرى و كبرى، أما صغرويا فلأنّ إفادة الحالة
السابقة بمجرّدها للظنّ بالبقاء، ممنوعة. و إنّما قد تفيد لخصوصيّة في الحالة
السابقة من حيث كونها مقتضية للبقاء و الاستمرار.
و قد يستشهد لإفادة الحالة السابقة للظنّ بنحو كلّي بجريان السيرة
العقلائيّة على العمل بالاستصحاب، و العقلاء لا يعملون إلّا بالطرق الظنّيّة و
الكاشفة.
و يرد على هذا الاستشهاد، أنّ السيرة العقلائيّة على افتراض وجودها،
فالأقرب في تفسيرها أنّها قائمة بنكتة الألفة و العادة، لا بنكتة الكشف، و لهذا
يقال بوجودها حتّى في الحيوانات التي تتأثّر بالإلفة.
و أمّا كبرويّا فلعدم قيام دليل على حجّيّة مثل هذا الظنّ.
و أمّا الثانيّ: ففيه أنّ الجري و الانسياق العمليّ على طبق الحالة
السابقة، و إن كان غالبا في سلوك الناس، و لكنّه بدافع من الألفة