في نفس
الوقت على أنّ البراءة مغيّاة ببعث الرسول، و بعد حمل الرسول على المثال يثبت أنّ
الغاية هي توفير البيان على نحو يتاح للمكلّف الوصول إليه، كما هو شأن الناس مع
الرسول، و عليه فيثبت بمفهوم الغاية أنّه متى توفّر البيان على هذا النحو فاستحقاق
العذاب ثابت، و من الواضح أنّ الشاكّ قبل الفحص يحتمل تحقّق الغاية و توفّر
البيان، فلا بدّ من الفحص، و كذلك أيضا الآية الرابعة، فانّ البيان لهم جعل غاية
للبراءة، و هو يصدق مع توفير بيان في معرض الوصول.
و
ثانيا: أنّ للمكلّف علما إجماليّا بوجود تكاليف في الشبهات الحكميّة كما تقدّم، و
هذا العلم إنّما ينحلّ بالفحص لكي يحرز عدد من التكاليف بصورة تفصيليّة، و ما لم
ينحلّ لا تجري البراءة، فلا بدّ من الفحص إذن.
و
ثالثا: أنّ الأخبار الدالة على وجوب التعلّم[1]-
و أنّ المكلّف يوم القيامة يقال له: لما ذا لم تعمل؟ فإذا قال: لم أعلم. يقال له:
لما ذا لم تتعلّم؟- تعتبر مقيّدة لإطلاق دليل البراءة و مثبتة أنّ الشكّ بدون فحص
و تعلّم ليس عذرا شرعا.
التمييز
بين الشكّ في التكليف و الشكّ في المكلّف به:
النقطة
الثانية: في أنّ الضابط لجريان أصل البراءة هو الشكّ في التكليف لا الشكّ في
المكلّف به.
و
توضيح ذلك: أنّ المكلّف تارة يشكّ في ثبوت الحكم الشرعيّ،
[1] جامع أحاديث الشيعة/ الباب الاوّل من أبواب
المقدّمات.