الضدّ الآخر
فيكون واجبا بالوجوب الغيريّ، و إذا وجب أحد النقيضين حرم نقيضه، و بهذا يثبت حرمة
الضدّ الخاصّ.
و
لكنّ الصحيح أنّه لا مقدّميّة لترك أحد الفعلين لإيقاع الفعل الآخر، فإنّ المقدّمة
هي العلّة أو جزء العلّة، و نحن نلاحظ أنّ المكلّف في مثال الصلاة و الإزالة يكون
اختياره هو العلّة الكفيلة بتحقّق ما يختاره و نفي ما لا يختاره، فوجود أحد
الفعلين و عدم الآخر كلاهما مرتبطان باختيار المكلّف لا أنّ أحدهما معلول للآخر، و
لو كان ترك الصلاة علّة أو جزء العلّة للإزالة، و ترك الإزالة علّة أو جزء العلّة
للصلاة، لكان فعل الصلاة نقيضا لعلّة الإزالة، و نقيض العلّة علّة لنقيض المعلول،
فينتج أنّ فعل الصلاة علّة لترك الإزالة. و هذا يؤدّي إلى الدور إذ يكون كلّ من
الضدّين معلولا لترك الآخر و علّة للترك نفسه.
فإن
قيل: إنّ عدم المانع من أجزاء العلّة، و لا شكّ في أنّ أحد الضدّين مانع عن وجود
ضدّه فعدمه عدم المانع، فيكون من أجزاء العلّة، و بذلك تثبت مقدّميّته.
كان
الجواب: أنّ المانع على قسمين:
أحدهما:
مانع يجتمع مع مقتضي الممنوع كالرطوبة المانعة عن احتراق الورقة و التي تجتمع مع
وجود النار و إصابتها للورقة بالفعل.
و
الآخر: مانع لا يمكن أن يجتمع مع مقتضي الممنوع، كالإزالة المضادّة للصلاة التي لا
تجتمع مع المقتضي للصلاة، و هو إرادتها، إذ من الواضح أنّه كلّما أراد الصلاة لم
توجد الإزالة، و ما يعتبر عدمه من أجزاء العلّة هو القسم الأوّل دون الثاني، و
الضدّ مانع من القسم الثاني دون الأوّل.