فهل يمكن أن
نطبّق قرينة الحكمة على مفاد (أكرم) في المثال و هو الوجوب المفاد على نهج النسبة
الطلبيّة و الإرساليّة لإثبات أنّه مطلق أو لا؟. و سيأتي توضيح الحال في هذا
النزاع في الحلقة الثالثة إن شاء اللّه تعالى. و الصحيح فيه إمكان تطبيق مقدّمات
الحكمة في مثل ذلك.
التقابل
بين الإطلاق و التقييد:
اتضح
ممّا ذكرناه أنّ هناك إطلاقا و تقييدا في عالم اللحاظ و في مقام الثبوت، و التقييد
هنا بمعنى لحاظ القيد، و الإطلاق بمعنى عدم لحاظ القيد. و هناك أيضا إطلاق و تقييد
في عالم الدلالة، و في مقام الإثبات، و التقييد هنا بمعنى الإتيان في الدليل بما
يدلّ على القيد، و الإطلاق بمعنى عدم الإتيان بما يدلّ على القيد مع ظهور حال
المتكلّم في أنّه في مقام بيان تمام مراده بخطابه. و الإطلاق الإثباتيّ يدلّ على
الإطلاق الثبوتيّ، و التقييد الإثباتيّ يدلّ على التقييد الثبوتيّ. و لا شكّ في
أنّ الإطلاق و التقييد متقابلان ثبوتا و إثباتا، غير أنّ التقابل على أقسام، فتارة
يكون بين أمرين وجوديّين كالتضادّ بين الاستقامة و الانحناء، و أخرى يكون بين وجود
و عدم، كالتناقض بين وجود البصر و عدمه، و ثالثة يكون بين وجود صفة في موضع معيّن
و عدمها في ذلك الموضع مع كون الموضع قابلا لوجودها فيه من قبيل البصر و العمى،
فإن العمى ليس عدم البصر و لو في جدار، بل عدم البصر في كائن حيّ يمكن في شأنه أن
يبصر.
و
على هذا الأساس اختلف الأعلام في أنّ التقابل بين الإطلاق و التقييد الثبوتيين من
أيّ واحد من هذه الأنحاء، و من الواضح على ضوء