فقد يقال إن
الأحكام باعتبارها أشياء تقوم في نفس الحاكم انما تتعلق بالعناوين و الصور الذهنية
لا بالواقع الخارجي مباشرة، فيكفي التعدّد في العناوين و الصور لارتفاع المحذور، و
هذا معناه جواز اجتماع الأمر و النهي. و قد يقال إن الأحكام و إن كانت تتعلق
بالعناوين و الصور الذهنية، و لكنها لا تتعلق بها بما هي صور ذهنية. إذ من الواضح
ان المولى لا يريد الصورة، و إنما تتعلق الأحكام بالصور بما هي معبّرة عن الواقع
الخارجي و مرآة له، و حيث ان الواقع الخارجي واحد، فيستحيل ان يجتمع عليه الوجوب و
الحرمة و لو بتوسّط عنوانين و صورتين، و على هذا الأساس يقال إن تعدّد العناوين إن
كان ناتجا عن تعدد الواقع الخارجي و كاشفا عن تكثّر الوجود جاز ان يتعلق الأمر
بأحدهما و النهي بالآخر و إن كان مجرّد تعدد في عالم العناوين و الصور الذي هو
الذهن فلا يسوغ ذلك.
هل
تستلزم الحرمة البطلان؟
إن
صحة العقد معناها أن يترتب عليه أثره الذي اتفق عليه المتعاقدان، ففي عقد البيع
يعتبر البيع صحيحا و نافذا إذا ترتب عليه نقل ملكية السلعة من البائع إلى المشتري،
و نقل ملكية الثمن من المشتري إلى البائع، و يعتبر فاسدا و باطلا إذا لم يترتب
عليه ذلك.
و
بديهي أن العقد لا يمكن أن يكون صحيحا و باطلا في وقت واحد، فإن الصحة و البطلان
متضادّان كالتضادّ بين الوجوب و الحرمة.
و
السؤال هو هل يمكن أن يكون العقد صحيحا و حراما؟ و نجيب على ذلك بالإيجاب، إذ لا
تضاد بين الصحة و الحرمة، و لا تلازم بين الحرمة و الفساد، لأن معنى تحريم العقد
منع المكلف من إيجاد البيع،