أوضح أنَّ مرجع العموم و الخصوص من مطلق لا
يوجد بين اللا ماشي واللا إنسان إذ لا يصدق كل (لا ماشي لا إنسان) لأن من اللا
ماشي ما هو إنسان إذ ان أفراد الموضوع ما كان يصدق عليها وصفه بالفعل عندهم و اللا
ماشي يصدق على الإنسان في أحد الأزمنة الثلاثة. وجوابه يعلم مما سبق في جواب
الإيراد الرابع على نقيضي المتساويين من أن الذي هو أعم مطلقاً هو الماشي في
الجملة اعني في أحد الأزمنة الثلاثة وحينئذ فيكون نقيضه هو اللا ماشي دائماً لأن
نقيض الإطلاق الدوام ومن البديهي ان الإنسان ليس من مصاديق (اللا ماشي دائماً) أو
نقول: انَّ الأعم هو (الماشي بالامكان) ونقيضه حينئذ هو (اللا ماشي بالضرورة) لأن
نقيض الامكان هو الضرورة و الإنسان ليس من أفراده وهكذا الكلام في سائر الأعراض
المفارقة التي هي أعم من موضوعاتها فانّها إنما تكون أعم إذا أخذت بنحو الإطلاق أو
الامكان وقد تقدم فيما حولناك عليه ما ينفعك هنا.
وثالثاً: إن الكليات العامة الشاملة لأنواع الموجودات كالامكان العام
و الشيء و الوجود المطلق مع كلي أخص منها كالانسان لا يكون نقيض ذلك الأخص أعم من
نقائضها فاللا إنسان لا يكون نقيضه أعم من نقيض اللا شيء إذ لو كان أعم لصدق
قولنا: (كل لا شيء فهو لا إنسان) لأن مرجع العموم المطلق إلى موجبة كلية وهذه
الموجبة الكلية نضمها إلى كبرى معلومة الصدق وهي (كل لا إنسان فهو شىء) لأن اللا
إنسان لا يخلو إمّا أن يكون واجباً أو ممكناً خاصاً أو ممتنعاً وكلها شيء لأن كل
منها ماهية من الماهيات فيصير لدينا شكل أول ينتج (كل لا شيء شيء). والحاصل أنّ-
كل لا شيء لا إنسان وكل لا إنسان إما واجب أو ممكن أو ممتنع فينتج من الشكل الأول
كل لا شيء إما واجب أو ممكن أو ممتنع ونضمه إلى كبرى مسلّمة وهي كل واجب أو ممكن
أو ممتنع فهو شيء ينتج من الشكل الأول كل لا شيء شيء وهذه النتيجة فاسدة لأنها
اشتملت على اجتماع النقيضين وفسادها انّما نشأ من كون نقيض الأخص أعم من نقيض
الأعم ومن هذا الباب المغالطة المعروفة وهي كل ما ليس بممكن بالامكان العام فهو
ليس بممكن بالامكان الخاص وكل ما ليس بممكن بالامكان الخاص فهو إمّا واجب أو ممتنع
ينتج كل ما ليس بممكن بالامكان العام فهو واجب أو ممتنع ثم نضمه إلى كبرى وهي كل
واجب أو ممتنع فهو ممكن بالامكان العام ينتج كل ما ليس بممكن بالامكان العام فهو
ممكن بالامكان العام.- وجوابه- سيجيء إن شاء الله في المغالطة السادسة والعشرين
من باب المغالطات.
ورابعاً: ان بين الكلي الشامل لسائر الموجودات كالشىء والممكن العام
ونقيض ما هو أخص منه كاللا إنسان عموم وخصوص مطلقاً والعموم في جانب الكلي لوجود
مرجعه وهو الموجبة الكلية المطلقة العامة والسالبة الجزئية الدائمة فانّه يصدق (كل
لا إنسان شيء) وبعض الشيء ليس بلا إنسان) وهو الإنسان نفسه فانّه شىء ولا يصح
سلب الانسانية عنه ومع هذا فانّ- بين نقيضيهما وهو (اللاشيء) (والانسان) تباين
كلي دون العموم والخصوص المطلق.- وجوابه- يعلم مما سبق في جواب الإيراد الثاني على
نقيضي المتساويين والايراد الأول في هذا المبحث. من أنّ- (اللاشيء) إذا فرض له
أفراد كان بين (اللاانسان) و (الشيء) عموم من وجه لا عموم من مطلق لصدق اللا
إنسان على على أفراد اللاشيء وحينئذ فالقضية المذكورة وهي (كل لا إنسان شىء)
تكون كاذبة وان لم يفرض (للاشيء) أفراد لم تكن بينه وبين (الإنسان) أحد النسب
الأربع لعدم وجود المصداق له لا أنّه يكون بينهما تبايناً وقد عرفت انّ- المراد
بقولهم: يكون بين النقيضين كذا من النّسبة فيما لو كان بينهما تصادق. وقد استراح
من هذا الإيراد وأمثاله من خص البحث في المنطق بالكليات الموجودة لأنه مقدمة