التاسع عشر أصل البراءة من التكليف المشكوك وجوده و هو يثبت به نفي
التكليف في مورد الشك فيه شكا غير مسبوق بالعلم بالحكم للواقعة، و بعد الفحص عن
حكمها بمقدار لا يوجب العسر و الحرج و عدم الظفر به، و هذا الدليل يسمى بإصالة
البراءة و أصالة النفي و البراءة الأصلية كما لو شككنا في وجوب نصح المستشير فإن
هذا الشك يثبت به عدم وجوب النصح المذكورة و كما لو شككنا في حرمة شرب التنن فأن
هذا الشك يثبت به عدم حرمته خلافا لبعضهم كما هو المحكي عن معظم الاخباريين من
القول بالاحتياط و الدليل على أن الشك المذكور يثبت به عدم التكليف من الكتاب آيات
منها:- «لا يكلف اللّه نفسا إلا ما آتاها»
بناء على إرادة التكليف من الموصول فواضح و هكذا بناء عل أن المراد ما آتاها من
القدرة عليه من العلم و المال حيث لا يصدق الاتيان عند عدم الدليل المعتبر علي
التكليف الشرعي و لا ينافي عموم الموصول خصوصية المورد على أن الآيات القرآنية
أحكامها مستقلة لأنها نزلت نجوما فلا يكون ما قبلها مقيدا لما بعدها أو بالعكس. و
منها قوله تعالى: «لا يكلف اللّه نفسا إلا وسعها»
لأن النفس لا وسع لها قبل معرفتها للتكليف.
و دعوى أن لها الوسع بالأحتياط ينافي كون الآية في مقام الامتنان و
لا ريب أن الاحتياط فيه ضيق لا وسعة.