الاستحسان: قد يفسر بالدليل في مقابل القياس الجلي أعني القياس الذي
تسبق اليه الافهام، فإن الدليل الذي يعارض هذا القياس الجلي و يكون أقوى منه يسمى
بالاستحسان سواء كان نصا من الكتاب أو السنة أو إجماعا أو قياسا خفيا أقوى من ذلك
القياس الجلي و هكذا الرجوع للدليل المخصص أو المقيد لقاعدة كلية يعد من الاستحسان
كالرجوع لقاعدة الحرج و الضرر و بهذا تعرف أن الاستحسان يرجع للأدلة الاربعة
المتقدمة. و قد تمسك به الاحناف و المالكية و الحنابلة و هو بهذا المعنى لا ريب في
صحته إذا كان يرجع فيه للدليل الصحيح الموجود في الواقعة الذي هو أقوى من غيره و
قد يفسر الاستحسان بترك القياس و الاخذ بما هو أوفق للناس أو بطلب السهولة في
الاحكام فيما يبتلي به الآنام أو الاخذ بالسماحة و ابتغاء ما فيه الرحمة، و لا ريب
في بطلان الاستحسان بهذه المعاني فإنه لا دليل على صحته و يلزم منه التلاعب
بالاحكام الشرعية و القوانين الالهية و اعطاء الناس رغباتهم في الاطاعة و الامتثال
و في ذلك فساد عظيم و شر جسيم. و إلى هذا الاستحسان بهذا المعنى تشير الاخبار
الدالة على أن دين اللّه لا يصاب بالعقول.
و عن الشافعي انه قال: «من استحسن فقد شرع» و الاصح و الذي هو محط
نظر الفقهاء إن مرادهم بالاستحسان انه ما يستحسنه المجتهد بطبيعته و عادته و
سليقته و ذوقه من دون دليل شرعي معتبر