فإذا احتمل كون الفعل واجبا أو حراما ثم حصل
الظن المعتبر شرعا بأنه ليس بحرام وإن احتمل أن يكون واجبا ومباحا كان مراعاة
الوجوب أولى.
ويسمى هذا بالاحتياط ولكنه ليس من الاحتياط المفروض الذي يوجب العلم
بحصول الامتثال.
الخامس: لو وجب العمل بالاحتياط المذكور لا نسد طريق الاجتهاد ولزم
بطلان طريقة المجتهدين والتالي باطل للأدلة الدالة على حقيقة طريق المجتهدين
فالمقدم مثله.
السادس: لو وجب العمل بالاحتياط المذكور لبطل التمسك بأصل البراءة
ولما كانت حجة شرعية والتالي باطل فالمقدم مثله والملازمة واضحة.
وأما بطلان التالي فللأدلة الدالة على حجية أصل البراءة من الكتاب
والسنة والإجماع ودليل العقل المذكور في محلها.
ثم اعلم أنه على القول باعتبار الظنون المخصوصة كما هو المختار يمكن
تقرير دليل الاحتياط أيضا بأن يقال أنه قد اشتغلت ذمتنا بالتكليف بالأحكام الشرعية
يقينا والشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.
والجواب عن ذلك أما لهذه الوجوه المذكورة أو نقول بناء على الظنون
المخصوصة بكون ذلك من التكليف المجمل لا التكليف بالمجمل ويكفي في الفراغ من
التكليف بالمجمل ارتفاع يقين الشغل به ولا يحتاج فيه إلى تعين الفراغ وارتفاع يقين
الشغل هنا حاصل بالظنون المخصوصة وهذا بخلاف القول بعدمها فإن التكليف بغير
المقدار المعلوم يقيني ولا ترجيح لبعض أفراد الظن الذي يرتفع به يقين الشغل على
بعض فإما أن نقول بحجية الظن في الجميع أو بالاحتياط في الجميع فتأمل.
فإن ذهبت تقول: أن بما زاد على المقدار المعلوم وبما دلت عليه الظنون
الخاصة نحن مكلفون ببعض الأمور يقينا في الواقع وإن كنا لا نعلمها في الظاهر فيجب
علينا الفراغ اليقيني منها انحصر جوابك بأحد الوجوه المتقدمة.