responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث و مقالات نویسنده : كاشف الغطاء، عباس    جلد : 1  صفحه : 383

إن الله تعالى أعد للشهداء المكانة العظيمة والدرجات الرفيعة، وقد بيّن القرآن الكريم إن الشهداء إحياء عند ربهم ينعمون بالحياة الطيبة والرزق الكريم في جوار ربهم وكنفه وفي جناته وجنانه. قال الله عز وجل: [وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ‌][1]، فرحين بما أعطاهم الله من فضل زائد عما استحقوه بعملهم ويستبشرون بإخوانهم المجاهدين الذين تركوهم في ميدان الجهاد، بأنهم سيلحقون بهم، ويرون النعيم المعّد لهم في حياة عند الله لا خوف عليهم فيها ولا يحزنون.

وقال الله تعالى: [وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ‌][2] أي لا تشعرون ولا تدركون كنهها، لأنها ليست في عالم الحس الذي يدرك بالمشاعر بل هي حياة غيبية برزخية تمتاز بها أرواح الشهداء على أرواح سائر الناس.

كما بيّن الرسول الأعظم (ص) في أحاديث عديدة إن الشهيد يود الرجوع إلى الدنيا ليستشهد مرة أخرى لما يرى من فضل الشهادة، فروي: (ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا وإن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة، فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى). ومنها (يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول يا ابن آدم كيف وجدت منزلك؟ فيقول: يا رب خير منزل، فيقول: سلْ وتمنْ، فيقول: أسألك أن تردني إلى الدنيا فاقتل في سبيلك عشرات المرات، لما يرى من فضل الشهادة)، وروى أبو الدرداء إن رسول الله (ص) قال: (يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته).

لقد كان المؤمنون الأولون يتمنون الشهادة في سبيل الله، وكانت أحب الدرجات إليهم، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): (يا أيها الناس إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب ليس عن الموت محيص ومن لم يمت يقتل، وإن أفضل الموت القتل، والذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليَّ من ميتة على فراش)[3].

فليعتبر بهذا القول الذين يخافون لقاء الأعداء، والله ما ادري ما الذي يخشاه الجبان؟ هل يعتقد أنه إذا قبع في بيته ينجو من الخطر؟ وإذا خرج إلى القتال قتل؟ وإن كان يظن ذلك فقد خاب ظنه واخطأ فيما ذهب إليه حدسه، فلا الخروج إلى ميدان القتال يدني اجل الإنسان ولا البقاء في البيوت وداخل القصور يحمي الإنسان ويدفع عنه الموت إذا جاء اجله؟ وهذا قول الله عز وجل واضح جلي في ذلك [أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ][4]، فأجل الإنسان لا يقدم ولا يؤخر [فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ‌][5]، إن الخروج إلى الميدان للدفاع عن العقيدة الإسلامية والبلدان يُمَكِّن الإنسان من صعود سلم الحرية والكرامة، بينما البقاء في البيوت واهمال القتال يمكن الأعداء من الاعتداء والعدوان.

ثالثاً: حرمة التخلف عن الدفاع‌


[1] سورة آل عمران/ 169

[2] سورة البقرة/ 154

[3] وسائل الشيعة/ باب 1/ م 11/ حديث 13/ ص 8

[4] النساء/ 78

[5] الأعراف/ 34.

نام کتاب : بحوث و مقالات نویسنده : كاشف الغطاء، عباس    جلد : 1  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست