responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العبقات العنبرية نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 69

خيولهم إلى غياض‌[1] ملتفّة بالقصب والبردي، وكان ذلك المكان يعرف بكثرة السباع والأغوال، فلا يمكن المبيت به وقد هجم الليل، ولا بيت ولا خباء حتى ينزلون فيه وبينهم ويبن البيوت الشط العظيم المعروف بشط العرب، وهو في الحقيقة بحر لا شط، لأنّ فيه يجتمع الفرات ودجلة وشط العجم، ولم تكن على ساحله سفن فوقفنا متحيرين، فجاء الشيخ ووقف على الساحل وقال: سبحان الله إِنّ موسى بن عمران عبد من عبيد الله وأنا عبد من عبيده، وقد ضرب بعصاه البحر، فانفلق وعبر هو وقومه، ثم جعل يخاطب الماء ويقول: إنّا وإيّاك عبدان من عبيد الله مسخّران بأمره، فأقسمت عليك بكذا وكذا، وجعل يقرأ أسماء لا نعرفها، ثم قال اتبعوني ودخل بفرسه في الشط وهو عليها، وتبعناه نحن، فما كان إلّا كلمحة البصر وإذا نحن على الساحل المقابل، فالتفتنا إلى خيولنا فلم يكن أثر للماء إلّا على أرجلها إلى ركبها، ولم نعلم كيف كان الأمر أكانت تسبح بنا أم تمشي على وجه الماء أم غير ذلك؟

ولماّ وصلنا البصرة وأقمنا فيها مدّة رجعنا على طريق بغداد، فلمّا صرنا على ليلتين منه بتنا ليلة هناك وكانت الأرض ذات شوك وقتاد[2]، فكان الشيخ يكرر قوله: سبحان الله المُعَمّر المُدَمّر، فسألناه عن السبب لهذه الكلمات بالخصوص، فقال ستكون هذه الأرض بلدة عظيمة ذات قصور وجنان وبساتين وغير ذلك، يقول الراوي: فما مرّت الأيام والسنون حتى أدرك أغلب من كان معنا تلك البلدة، وهي كوت العمارة المعروف الآن بالكوت:

عَطّرِ اللَّهُمَّ مَرْقَدَهُ الكَريَم‌

بِعُرفٍ شَذِىِّ مِنْ رَحْمَةْ وتسْلِيمْ‌


[1] غياض: الأجَمَةُ، ومجتمع الشجر في مغيض الماء.

[2] القَتادُ: شجرٌ صُلْبٌ له شوكةٌ كالإبَرِ.

نام کتاب : العبقات العنبرية نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست