كثيرة فإذا بذلت عليها المصارف استخرجتها لك
حتى تملكها، فبذل السيد وخرجت العين وبنى عليها قصراً عظيما وسكن فيه، وما مضت
الأيام والليالي إلَّا والرّحبة كبغداد لكثرة ما فيها من البساتين المملوءة
بالفواكه من عنب ورمان وتين وغير ذلك من البقول كالبطيخ والرّقي، ثم من الحبوب
الحنطة والشعير والأرز، وصار يجيء منها ذلك إلى النجف وسائر الأطراف، حتى يخيس من
كثرته.
وعظم أمر السيد في الرئاسة والشهرة عند العرب والقبائل، لأنّه كان من
الجود بالمرتبة القصوى، فمن ذلك أنّ له في قصره بركة في الأرض عميقة واسعة يضع
فيها الطعام ليلا ونهاراً، وكان الفارس إذا مرَّ بها يتناول منها حتى يشبع وهو على
فرسه، ويجتمع أعراب البوادي عليها، وهكذا كان دأبه، ومنها أنّه إذا صار وقت حاصل
كل ثمرة أو حصاد المزارع خرج إليه أغلب أهل النجف فيعطي كل واحد منهم ما يكفيه
سنته من الثمرات، وهكذا أغلب فقراء القبائل من أهل البوادي، فملأ ذكره الأرض،
وتجاوز صيته الحجاز واليمن، وصار يقصد[1]
من أقاصي البلاد، ولكن كان الشيطان قد وسوس له وحسّن في تعقله[2]
أن لا يجني في داره وقصره شيئاً من الأناثي[3]
بجميع أنواعها، ويقول: أنا لست قواداً حتى أوقع التناكح في منزلي، ويرى أن تشبيه
الفرس من الحصان وإرسال الفحل على النوق وإعطاء الأخت أو البنت للزّواج من أشدّ
العار بالرئيس، وكان له أختان الأولى: (أم السعد) والثانية (رخيته) وقد بلغا مبلغا
من العمر وهو لا يرضى بزواجهنّ وأولاد عمهن يخطبونهنّ منه وهو يأبى ويمنع ويحيل
ذلك، فبعثتا إلى الشيخ يشكيان أخاهنّ إليه وأنّه قد أسرنا