موسى المنهزمين وأخذ لهم الأمان من
السّلطان، وأرجع إليهم أموالهم وجلسوا آمنين في مساكنهم.
وإما الشيخ الكبير فإنّه لما سار إلى العجم توجه إلى الدستور الكبير،
والوزير الخطير محمد علي ميرزا بن السلطان فتح علي شاه، فخرج لاستقباله، وكان
حاكما في بعض البلدان العظيمة، فأنزله عنده، وعرّفه الشيخ بالكيفية، فجعل الميرزا
يراجع السلطان العثماني في ذلك الوقت حتى بعث له بأمان فيه مزيد إعظام واحترام
للشيخ الكبير، وأن لا يتعرّض له بسوء من الناس أحد خصوصاً الوزير، فبعثه محمد علي
ميرزا إلى وزير بغداد.
ثم توجه الشيخ بعده إلى دار السلام بحشمة وإعظام، ودخل على واليها
فأكرمه غاية الإكرام، فكان المفتي حاضراً في مجلس الباشا والشيخ جالس، فقال المفتي
للشيخ: أنا لا أسألك من عملك ذاك كله، ولا ألومك على فعلك ولكني أعجب من شيء واحد
وهو دفنك العسكر مع عدم تغسيل ولا تكفين، وهم قوم مسلمون كما تدري. فهزّ الشيخ
بيديه وقال: سبحان الله هذا وأنت مفتي المسلمين لا تدري أنّهم لا يخلون إمّا أن
يكونوا مسلمين فهم شهداء، على هذا يجب تكفينهم ودفنهم بثيابهم بلا غسل ولا كفن،
وإن كانوا كفرة فلا يجوز تكفينهم ولا تغسيلهم، فبهت الذي كفّره وكأنما ألقم حجره،
وتعجب الحاضرون من بداهة الشيخ وسرعة جوابه، والظاهر أنّ الشيخ لم يسافر إلى العجم
غير تلك المرة ولكن بقي في تلك الأقطار يتردد في هاتيك الأمصار ثلاث سنين، وسعدت
بتشريفه أغلب بلاد الري وخراسان وأذربيجان، وله في كل بلد ومصر منها حكايات ظريفة،
ومواعظ شريفة، أهملنا أغلبها خوف الإسهاب.
علاقة السلطان فتح علي شاه مع الشيخ جعفر
وقد أتى شيء منها في كتاب (قصص العلماء)، ونحن نذكر بعض ما