نحن نعلم ولكن نعبد الهوى ونعمل بما تبعثنا
إليه الشهوات. كلنا عالمون وكلنا ضالون ومضلون .. [أَفَرَأَيْتَ
مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ]،
فنحن ممن أضلنا الله على علم منّا.
نحن عالمون وفي عين الوقت ضالون كأننا جاهلون. أتريد شاهداً على
ذلك؟.
هل بقى خفاءاً وستاراً إن الخمر من أشد الكبائر أثراً وأعظمها ضرراً
وأكثرها بلاء وشرا .. نقص في الدين، نقص في العقل، نقص في الصحة، نقص في المال،
نقص في النسل، نقص في كل شيء ... ولم تزل طائفة من الناس غير قليلة تشربه في
الجاهلية والإسلام حتى في عصر النبوة. ولكن الفرق أنه من ذلك العصر المتألق إلى
عدة عصور كان يشرب سراً وفي الخفاء، رعاية للإسلام وصيانة للإحكام، أما في هذا
العصر- ويا للأسف!- فقد صار يباع في الأسواق جهاراً وعلناً .. يباع في عواصم
الإسلام كبغداد والشام ومصر وأمثالها، ويمر عليه المسلمون بلا إزراء ولا انكار،
ويشربون جهاراً محاربة لله ورسوله ومعاكسة صراحاً لكتابه وقرآنه.
زجاجة الخمر الموضوعة في حوانيت بلاد المسلمين نقول للمسلمين: (أنا
جئتكم من أوربا على رغم آنافكم، لأفقأ عيونكم، وأنشر عيوبكم، وأنقص أموالكم،
وأسلبكم عقولكم، وأحارب قرآنكم! .. القرآن يقول: (الخمر أثم فأجتنبوه) وأنا أقول:
(الخمر غنم فأرتكبوه). النبي يقول: (أيها الناس! شارب الخمر عابد وثن، إذا مرض لا
تعودوه، وإن مات لا تشيعوه، وإن تشفع إليكم لا تشفعوه، وإن خطب إليكم لا تزوجوه).
وأنا أقول: (شارب الخمر عظّموه وأكرموه) ... وعلى هذا الحال والمنوال سائر الكبائر
من الربا والقمار والفواحش وغيرها.
أيها الناس!
إن من حق المسلم على المسلم اداء النصيحة له، وأنتم أعزة لدينا كرام
علينا .. الله الله في أنفسكم! الله الله في أولادكم! الله الله في أموالكم
وأعراضكم! الله الله في بلادكم وأوطانكم! ... إن هذا السير الذي تسيرون عليه سير
على غير الطريق، وهو لا محالة سوف يؤدي بكم إلى الهلاك الأبدي والعذاب السرمدي.