تحصيل العقائد التي هي نظرية فبالطريق الأولى أن يدرك استحقاق
العقاب في الفروع.
المراد
بالثواب والعقاب
إن الثواب والعقاب الذين
حكم العقل باستحقاقهما في فعل الحسن وفعل القبيح هل يراد بهما مطلق الأجر والزجر
والنفع والضرر من غير تخصيص بكون ذلك من الله تعالى أو المراد بهما ما يكون من
الله تعالى؟ وعلى الثاني فهل المراد بهما ما هو أعمُّ من الأخروي والدنيوي أو يختص
بالأخروي؟ ظاهر ما استدلوا به على حكم العقل بهما من حكم العقل بهما ممن ينكر
الشرائع هو إرادة المعنى الأول كما أن الحق المراد بهما ما هو الأعم من الدنيوي
والأخروي فإنه من أين يحصل العلم للعقل بأن هذا الفعل يوجب الثواب أو العقاب
الأخروي.
نعم مقتضى الدليل العقلي
الذي أقامه الملِّيون على المعاد هو حكم العقل باستحقاق العقاب والثواب الأخرويين
فإنه بعد حكم العقل بوجوده تعالى وإرساله للرسل أن يجعل داراً أُخرى ويثيب بها
ويعاقب، إذ من الأعمال مالا يتدارك به ذلك في الدنيا كالقتل فإن المقتول في سبيل
الله تعالى لا يتدارك ثوابه إلّا في الآخرة. وهكذا المفسد الهاجم على الآمنين إذا
قتل لا يجازى إلّا في الآخرة.
ودعوى أن الله خير محض
فلا يصدر منه إلّا الخير مدفوعة بأن من الخير هو جزاء الظالم على ظلمه.
ودعوى أن العقاب إنما
يكون أما لردع الغير عن إرتكاب الجريمة أو لردع المرتكب لها عن العودة مرة ثانية
إليها.