إن قلت أن الله تعالى قد
أجرى عادته بخلق هذه العلوم عند تصوراتهم.
قلنا إذن لا يسمى ذلك
شرعاً بل يكون حكماً عقيلًا لأنه نشأ من حكم العقل وتصوراته غاية الأمر يكون ذلك
بإيجاد الله تعالى.
إن قلت يحتمل أن اتصاف
هذه الأشياء بالحسن والقبح من جهة العادة وإلّا فهي في ذاتها لا تتصف بشيء إذ قد
يكون الشيء معتاداً تركه فيقبح فعله مع أن فعله في نفسه ليس بقبيح كقبح لبس الرجل
لباس المرأة فإنه في نفسه ليس بقبيح لكنه بعد ملاحظة الناس صار قبيحاً، أو يكون
الشيء معتاداً فعله فيستحسن فعله مع أن في حد ذاته ليس بحسن كلبس الرجل لباس
الرجال فيمكن أن تكون تلك الأفعال اتصافها من هذا القبيل.
قلنا إن هذه الأفعال
تتصف بالحسن والقبح حتى لو فرض اعتياد الناس على خلافها. فالظلم قبيح وإن اعتاد
الناس على فعله كما في هذا الزمان على إنا لو سلمنا ذلك فلا ريب في المدح والذم
على المذكورات لا من جهة الشرع، ولازم ذلك ثبوت الحسن والقبح بمعنى المدح والذم لا
من جهة الشرع وهو المطلوب، ونحن لا ننكر أن المدح والذم يكون بسبب جريان العادة أو
غيره من الأسباب إذ لا يعقل أن يحكم به العقل بلا مستند أصلًا.