وبعبارة أخرى إن الحق معناه: الشيء الثابت لشيء آخر، وهو يطلق
على كل ما كان له ملكية عليه سواء أكان عيناً أم عملًا فالدار يقال: أنها حق
لمالكها وهو يستحقها، ويكثر هذا الإطلاق في باب القضاء فيقال: ثبت حقه والتصرف
فيها حق لمؤجّرها، لكن قد يخص اسم الحق بخصوص العمل المملوك في مقابل ملك العين
المملوكة كما في المقام. وبعد أن ظهر لك أن الحق نوع من الملك ظهر لك أنه لا وجه
لتقسيمه إلى الواجب والمندوب وإن كل ما وصف بالندب فهو حكم.
إن قلت إن الحق لو كان هو العمل المملوك لزم أن يكون حق الخيار أو حق
الشفعة أو نحوهما ليس بحق لعدم ملك عمل فيها، إذ أن المملوك يجب أداؤه لمالكه فإن
من ملك عملًا على إنسان وجب على الإنسان أداؤه، مع أنه لا يجب في حق الخيار
والشفعة أداء أي عمل لذي الحق وإنما له أن يفسخ وأن يشفع.
قلنا: إن المملوك إذا كان على شخص وجب على ذلك الشخص أداؤه، كما لو
آجر الشخص على عمل، وأما إذا كان المملوك على عين كما لو ملك منافع الدار لم يجب
على شخص أداؤها لعدم وجود من يملك عليه والحقوق المذكورة من هذا القبيل.
نعم لو كان الحق الثابت للمكلف هو عمل على شخص آخر وجب أداؤه كحق
المضاجعة.
إن قلت إن حق الخيار وحق الشفعة ليس إلّا جعل تأثير (فسخت) في فسخ
العقد للبائع، وجعل تأثير (شفعت) في رد المال للشريك. والحاصل أن الأمر فيهما يكون
عبارة عن جعل سببية شيء لعمل خاص