و الظاهر أن المراد بالمسبلة على ما ذكره النووي في المنهاج‌[1] وغيره، وفي غيره هي المقبرة التي جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها وقد أفتى جماعة من غير هؤلاء بهدم ما بني في المسبلة. قال في المنهاج: (ولو بنى في مقبرة مسبلة هدم)[2]، وقال الخطيب في المغني: (لأنه يضيق على الناس)[3]، ثم قال بعد هذا: (ولا يمكن حمل الكلام في الكراهة على التحريم لفساده لأن التجصيص و الكتابة و البناء في غير المسبلة لا حرمة فيه فيتعين أن تكون كراهة تنزيه)[4]. وأخبر بعد ذلك بالتحريم مطلقاً[5].

وفي الفتاوى الكبرى لابن حجر المكي الهيتمي: (إن كانت القبة مبنية في مقبرة مسبلة وهي التي اعتاد أهل البلد الدفن فيها فهي مستحقة الهدم فلكل أحد هدمها وإن كانت على ذلك القبر وحده وإن لم تكن في مقبرة مسبلة لم يجز لأحد هدمها)[6].

انتهى موضع الحاجة منه ولا يهمنا أمر نقل الفتاوى و إنما المهم هو البحث عن الدليل، فإنّا لا نستوحش من الانفراد إذا صاحبنا الدليل فنقول: إن المسبلة بالتخفيف أو التشديد يمكن أن تكون من السبيل أو التسبيل فإن كانت من السبيل وهو طريق المارة و الشوارع المسلوكة فلا إشكال في أن البناء فيها ووضع الاسطوانات وبناء الدكاك ووضع الفواكهة وغيرها للبيع ونحوه وربط الدواب وغرس الأشجار وغير ذلك محرم ممنوع منه شرعاً إذا أدى إلى تضييق الطريق و الإضرار بالمارة[7]، و إذا لم يؤدِ إلى ضرر أصلًا لسعة الطريق جداً فقد نصّ الإمام الغزالي في الإحياء أنه لا يمنع منه و أولى‌

[1] هو كتاب( منهاج الطالبين) تصنيف أبي زكريا يحيى بن شرف النووي وقد شرحه الخطيب الشربيني وسماه( مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج) وقد طبع كتاب( المغني) في حاشية الكتاب وكتاب( المنهاج) في المتن

[2] منهاج الطالبين/ أبو زكريا يحيى بن شرف النووي: 1/ 364

[3] مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج/ الخطيب الشربيني: 1/ 364.

[4] مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج/ الخطيب الشربيني: 1/ 364

[5] ينظر: المصدر نفسه: 1/ 364

[6] الفتاوى الكبرى الفقهية/ ابن حجر المكي الهيتمي: 2/ 7

[7] ينظر: إحياء علوم الدين/ الغزالي: 2/ 281.