نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 498
و لو كان عالم الكون و الفساد كلّه
شرّا، لكان شيئا قليلا بالنّسبة إلى كلّ الوجود. فكيف و السّلامة فيه غالبة، إذ لا
توجد هذه الشّرور إلاّ فى حقّ الحيوانات، و هى أقلّ ما فى الأرض. و الّذي لا يسلم
منها، فإنّه فى أكثر الأحوال يسلم، و إنّما يستضرّ فى بعض الأحوال، و فى بعض
الصّفات، لا فى الكلّ. و نحن نعلم أنّ المرض و الألم و إن كانا كثيرين، إلاّ أن
الصّحة و السّلامة اكثر. و بهذا يعلم أنّ الخير غالب، و أنّ الشّرّ نادر و غير
مقصود بالذّات و إن كان مقدّرا، بل بالعرض.
و قول من قال: «لم قلت: إنّ الخير غالب،
و أكثر الناس، الغالب عليهم مضادّ كمالاتهم، من الجهل و الغضب و الشّهوة، سلّمناه.
لكن إذا كان الكلّ بالقضاء و القدر، فلم يعاقب» ، مدفوع.
أمّا الأوّل، فبأنّه، كما أنّ حال
الأبدان على أقسام بالغ فى كمالاتها من الحسن و الصّحّة، و متوسّط، و هو الأكثر،
على مراتب: بعضها أقرب إلى الطّرف الأفضل، و بعضها إلى الأرذل، و نازل شديد
النّزول من القبح و السّقم، و هو أقلّ من المتوسّط، فضلا عن مجموع القسمين؛ فكذلك
حال النّفوس فى الآخرة. و إذا اضيف الطّرف الأفضل، و هو البالغ فى العلم و حسن
الأخلاق، إلى الطّرف الأوسط، كانت السّعادة و النّجاة هى البالغة.
و أمّا الثّاني، فبأنّ العقاب للنّفس
على خطيئتها ليس لمنتقم من خارج، بل هى حاملة عذابها معها، فساقها الاتّفاقات
القدريّة إلى اقتراف شهوات و ارتكاب جهالات، ففارقت متلطّخة، و ردّ إليها أعمالها،
فتأذّت بما معها، كالمتألّم بمرضه، لنهمة سابقة سائقة إليه، و الكلّ بالقدر الّذي
هو تفصيل القضاء الأوّل الوحدانىّ، كالقضاء بموت زيد، فإنّه أمر واحد و ينفصل إلى
موته، فى يوم كذا، من سنة كذا، بمرض كذا.
و من عرف أنّ الوجود لا يمكن أن يكون
أتمّ ممّا هو عليه، و أنّ الأتمّ منه محال، و المحال غير مقدور عليه، و ما لا قدرة
عليه لا عجز عنه، يندفع عنه بذلك كثير من الإشكالات.
نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 498