نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 435
حضورىّ على ذلك المبصر المقابل لها،
فتدركه النّفس مشاهدة . و محسوسات البصر أشرف، فإنّها هى الأنوار من الكواكب و
غيرها ، كالنّيران و نحوها.
لكنّ اللّمس أهمّ للحيوان ، فإنّه لمّا
كان مركّبا من العناصر، و كان صلاحه باعتدالها، و فساده بتغالبها، وجب أن يكون له
قوّة سارية فى كلّيته، بها يدرك المنافى من الكيفيّات الّتي تبعّدها عن اعتدالها،
و من غيرها، ليحترز عنه بالهرب منه، و هى اللاّمسة، و لهذا كانت منبثّة فى كلّ
البدن و لم تختصّ بعضو و إن كانت فى بعض الأعضاء أقوى، كباطن الكفّ، بل الأصابع بل
السّبّابة، و لهذا جعلتها الطّبيعة كالحاكمة بالطّبع فى استعلام مقادير كيفيّات
الملموسات.
و لأجل أنّ اللّمس يحترز به عن منافيات
المزاج بالهرب و التّنحّى، وجب أن يكون كلّ لامس متحرّكا بالإرادة، حتّى أنّ
الإسفنجات الّتي يظنّ فيها بخلاف ذلك لها حركة انقباض و انبساط، و لولاها لما عرف
حسّها.
و الأهمّ غير الأشرف ، و هو واضح غنىّ
عن الشّرح.
و اعلم: أنّ الأهمّ للحيوانات، بعد
اللّمس، الذّوق. و لهذا لا تجد من الحيوانات ما يعرى عن هاتين الحاسّتين، و نجد
كثيرا منها قد تعرى عن غيرهما. و إنّما لم يعر الحيوان عنهما، لاستحالة وجوده بدون
جالب للنّفع إليه و دافع للضّر عنه. لكنّ الأخصّ بالذّوق فى النّفع أن يكون جالبا
للمنافع و الملائم، و هو الغذاء، ليخلف بدل ما يتحلّل، و أمكن أن يعيش مدّة، و
إلاّ أدّى إلى هلاكه سريعا، كما أنّ الأخص باللّمس فى النفع أن يكون دافعا للضارّ
و الموذى.
و لمّا كان دفع الضّرر متقدّما على جلب
النّفع، لا جرم، وجب أن يكون اللّمس متقدّما على الذّوق و يكون الذّوق، تاليا له،
فلهذا قدّم اللّمس و أردفه بالذّوق، و لكونهما]أهمّ]للحيوان من غيرهما، قدّمها على
البواقى.
و المسموعات ألطف، من المبصرات، من وجه
آخر ، و هو أنّ الأصوات الموسيقيّة الملذّة المطربة تشوّق النّفوس إلى وطنها
الأصليّ و عالمها العقلىّ، و ترفعها عن الأمور الخسيسة الدّنيّة إلى الأمور
العليّة السّنيّة، و عن الكمالات الحسّيّة إلى
نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 435